«الجزيرة» - المحليات:
أكَّد مثقفون وأكاديميون سعوديون الحاجة الماسة لغرس قيم الوسيطة والاعتدال في النشء والشباب، ونشر التسامح والاعتدال بين أفراد المجتمع لمواجهة الأفكار الضالة وظاهرة التشدد والغلو التي يسعى البعض لتكريسها.
ويرى المثقفون أن البرنامج الوقائي الوطني للطلاب والطالبات (فطن) عبر مبادرة تعلّم وتميّز والذي يفعل الاستفادة من القدوات والنماذج الناجحة في المجتمع السعودي، خير من يحصّن الشباب ويوجه طريقهم في الاتجاه الصحيح لخدمة دينهم ومجتمعهم وبلادهم.
وأوضح الأستاذ حمد بن عبدالله القاضي عضو مجلس الشورى السابق والأديب المعروف أن القدوة نهج إسلامي نص عليه القرآن الكريم بالاقتداء بالرسول عليه الصلاة والسلام، وأضاف «نحن الأولى أن نتبع تعاليم ديننا في القدوة ليقتدي بنا الآخرون وتكون القدوة حسنة». و لفت القاضي إلى أن مجال التربية والشباب لا يؤثّر عليهم مجرد خطاب النصح أو كلمات الوعظ، مشيراً إلى أن الأثر الأكبر عليهم وربما على غيرهم هو أن يكون المربي قدوة لهم سوء كان أباً أو معلماً أو مديراً أو إمام مسجد، وتابع «عادة الإنسان يتأثر بالفعل لا بالقول، وأسوأ شيء أن يقول الأب أو المعلم أو الإنسان الكبير بشكل عام قولاً لا ينفذه ولا يعمل به، هنا تسقط القدوة وقد يكون لها تأثير سلبي ولهذا قال الله تعالى (كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون)».
وأشار عضو مجلس الشورى السابق إلى أن برنامج (فطن) مبادرة تعلّم وتميّز جاءت في وقتها وقد تعايشت معها منذ أن بدأت وعرفت أهدافها النبيلة التي ستتحقق مع الزمن وبالجهد الذي يبذله الإخوة في البرنامج، واستطرد بقوله «رأيت كيف يتفاعل الشباب مع البرنامج، وأحيي البرنامج في اصطفاء بعض الأسماء الفاعلة والمؤثّرة والتي تشكّل فعلاً قدوة صالحة ناصحة للشباب مثل استضافة معالي الدكتور عبدالله الربيعة، والآن يستضيفون معالي الشيخ صالح بن حميد وكلاهما نعم القدوة عندما يتحدثان ويوجهان، ونتمنى أن يرسخ برنامج فطن في عقول الشباب أن الإسلام هو دين السلام والمحبة والاعتدال».
من جانبه، أكد الدكتور سعيد الأفندي المشرف العام على كرسي الأمير نايف بن عبدالعزيز للقيم الأخلاقية أن من أعظم ما يعزِّز القيم الأخلاقية في قلوب الشباب وعقولهم وتفكيرهم القدوات الصالحة والحسنة، وأردف «لذلك كان في فكرنا الإسلامي وتراثنا أن الصحابة رضي الله عنهم والعرب عموماً أثرت فيهم شخصية الرسول عليه الصلاة والسلام، سلوكه وتصرفاته وقيمه ومبادئه، كان قدوة حسنة تأثرت بها قلوب الصحابة حتى أصبحوا نماذج وقدوات صالحة أفادت البشرية حتى اليوم.»
ولفت الأفندي إلى أن المجتمع السعودي وخلال مسيرة دولته لنحو 70 عاماً أبرز قدوات صالحة في سلوكها وتصرفاتها وعملها الجاد والمثمر وكان ينبغي على جهة أن تأتي وتلفت النظر إلى هؤلاء وتقول للشباب انظروا لهؤلاء تستطيعون أن تصلوا لما وصلوا إليه من أعمال في حياتهم.
ورأى الدكتور سعيد أن البرنامج الوقائي الوطني للطلاب والطالبات (فطن) بمبادرة تعلّم وتميّز وفق في هذه الإستراتيجية، وقدم نموذجاً رائعاً للدكتور عبدالله الربيعة كشخصية وطنية بارزة في مجالها وأدت أعمال جليلة لبلادها، وأضاف «ثم ها هو البرنامج يتصدى لشخصية كبيرة جداً وتحظى بقبول ليس فقط على المستوى المحلي، بل على المستوى العربي والإسلامي والإنساني وهو معالي الشيخ الدكتور صالح بن حميد أستاذ كرسي الأمير نايف للقيم الأخلاقية الذي اختير أثناء فترة الأمير نايف - رحمه الله- وإنشاؤه لكرسي القيم الأخلاقية لأنه يمثّل فعلاً القيم الأخلاقية المتزنة والوسطية والعاملة والجادة، وأعتقد بأن اللقاء سيكون متميزاً والضيوف لاحقاً سيكونون بنفس المستوى».
وجزم الأفندي بأن البرنامج سيكون له تأثير كبير جداً على الشباب عندما يستمعون إلى قصص هؤلاء القيادات المتميزة وكيف شقوا طريقهم وتعلّموا وأفادوا مما وفرته الدولة من إمكانيات ولن ينصرفوا للإشاعات، وواصل الحديث بقوله «أعتقد أننا في أمس الحاجة إلى تعزيز قيمة الوسطية والاعتدال في أبنائنا وأنفسنا وأسرنا ومناهجنا ومجتمعنا، والسعودية نشأت على وسطيتها واعتدالها، إلا أن كثيراً من الأفكار وفدت إلى بلادنا من الخارج أثرت على بعض الشباب هداهم الله، وهذه القدوات نالت أعلى المناصب في بلادها وتعلّمت في أرقى الجامعات في العالم ولم تحمل فكراً متشدداً، فالشيخ صالح عالم إسلامي في المقام الأول ومع ذلك خلال مسيرته لم يمل إلى التطرف أو التشدد أو الغلو، بل دعا إلى الوسطية والتسامح والاعتدال، نحن في أمس الحاجة لتعزيز قيمة الوسطية والاعتدال هذا ما سيجعلنا نماذج وقدوات لغيرنا وهذا ما أعتقد أن البرنامج سيقوم به».