أ.د.عثمان بن صالح العامر
أشرت في مقال الجمعة إلى أن ما يحدثه الموالون لخطاب الملالي والمصفقون للساسة الإيرانيين أيام الحج في المشاعر المقدسة إبان تلبسهم بعبادة عظيمة تؤدى على صورة محددة خلال أيام معدودة معظّمة ومفضّلة ومقسم بها من الله عزّ وجلّ، أقول إنني أشرت في المقال السابق إلى أن توظيف الحج سياسيًا هو من صلب العقيدة الخمينية وليس أمرًا طارئًا كما يظن البعض، مستشهدًا بما جاء على لسان الخميني، وبما كتب الخرسان واصفًا ما كان من الإيرانيين في حج عام 1407هـ، مع العلم أن ما حدث ليس فقط ما ذكره هذا الكاتب المؤدلج، ومن كان موجودًا إبان ذلك التاريخ رأى بأم عينيه عبر القنوات الإعلامية المختلفة أو أنه سمع وقرأ شيئًا مما وقع عشية يوم السادس من ذي الحجة عام 1407هـ، إِذ قام الحجاج الإيرانيون بإحداث شغب وتخريب واسع وخطير، ووصل بهم الأمر حد قتل بعض الحجاج بالسواطير، وإحراق عدد من السيارات، ومحاولة إحراق بعض العمارات السكنية والتجارية قرب الحرم، بل حاولوا اقتحام الحرم المكي الشريف، ونادوا بمبايعة الخميني «إمامًا للمسلمين». رافق هذه الأعمال التخريبية محاولة إدخال متفجرات وكميات كبيرة من المخدرات، إلا أن السلطات الأمنية اكتشفت الأمر قبل حدوثه، وأحبطت أعمال الشغب والتخريب ولله الحمد والمنّة. وهذه هي المرة الأولى التي يعلن الإيرانيون حجاجًا وسياسيين أهدافهم الخاصة من وراء تلك الأعمال، وهي مبايعة الخميني «إمامًا للمسلمين»، ولكنها لم تكن الأخيرة، إِذ تكرر المشهد في موسم حج 1409هـ - 1989م، حيث كشفت السلطات الأمنية السعودية عن عصابة تخريبية مكونة من 20 حاجًا كويتيًا نسقوا مع السفارة الإيرانية في الكويت للقيام بأعمال تفجيرية في الأماكن المقدسة بمكة. وفي عام 1430هـ - 2009م أوعزت إيران إلى جناحها الحوثي في اليمن بافتعال صدامات مع السعودية قبل موسم الحج، وحوّل الحجاج الإيرانيون عام 1432هـ بعثتهم في الحج إلى ما يشبه مظاهرة عامة، وأخذوا يرددون شعارات وهتافات «لبيك يا حسين»، ولم تكن تلك الشعارات إلا في إطار عمليات استفزازية في الحج يحدثونها كل عام وبهدف ما يسمونه «تصدير الثورة الإيرانية» إلى قلب المشاعر المقدسة.
لقد سجّل التاريخ أن إيران منذ سنة 1980 م (36 عامًا) وهي تسعى لتصدر الثورة في أيام الحج، وتحاول أن تبعث برسائل طائفية بين الحجيج، وتجتهد في تخريب هذه المناسبة الإسلامية العظيمة بافتعال مشكلات وقلاقل في هذا الموسم الرباني العظيم، وذلك بإخراج حجاجها ومن يدور في فلكهم ويدندن مع دندنتهم في مسيرات ومظاهرات صاخبة، سواء أكان ذلك قريبًا من الحرمين المكي والنبوي أم على صعيد منى أو مزدلفة وعرفة، وليس ما حدث في موسم الحج العام الماضي من تدافع الحجاج الإيرانيين- بطريقة مفتعلة ومقررة سلفًا ومخطط لها- عنا ببعيد.
لقد وظّف هؤلاء المصفّدون بالعنصرية النتنة والطائفية المقيتة من أخمص أقدامهم حتى مفارق رؤوسهم اسم الإسلام بشكل خبيث، ومدّوا جسور التواصل مع جماعات وأحزاب تريد ضرب بلاد الحرمين الشريفين المملكة العربية السعودية باسم الإسلام - كما هو مثبت.