عملية إعادة الأمل هي العملية التي أعقبت وقف عمليات عاصفة الحزم والتي أعلن عنها في 12/أبريل / 2015م، حيث أعلنت وزارة الدفاع السعودية أنها دمرت الصواريخ البالستية والأسلحة الثقيلة التي تشكل تهديداً لأمن المملكة العربية السعودية ولأهلنا في اليمن لأنها تستخدم في تدمير البلاد والعباد من قبل المخلوع علي عبدالله صالح ومن حالفه من قوى التخلف والانحطاط بقيادة عبدالملك الحوثي.
وفي التاريخ أعلاه والذي يمضي عليه اليوم قرابة السنة أعلن الناطق الرسمي لدول التحالف أحمد عسيري بأن أهداف إعادة الأمل كثيرة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر :-
1 - استئناف العملية السياسية وفق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 والمبادرة الخليجية ومخرجات مؤتمر الحوار اليمني.
2 - اسمرار حماية المدنيين من الحوثيين أو في حيال قيامهم بأعمال مماثلة لما قاموا به قبل عملية عاصفة الحزم ومكافحة الإرهاب وتيسير إجلاء الرعايا الأجانب.
3 - تكثيف المساعدة الإغاثية والطبية للشعب اليمني في المناطق المتضررة.
4 - إفساح المجال للجهود الدولية لتقديم المساعدات الإنسانية.
5 - التصدي للتحركات والعمليات العسكرية للمليشيات الحوثية ومن تحالف معها ومنعها من التحرك داخل اليمن أو محاولة التغيير على أرض الواقع،وعدم تمكينها من استخدام الأسلحة المنهوبة من المعسكرات أو المهربة من الخارج.
6 - استمرار فرض الحظر الجوي والبري والقيام بأعمال التفتيش لمنع تسليح الحوثيين تنفيذاً لقرار الأمم المتحدة.
وبناءً عليه فقد نفذت قوات التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية بنود هذا القرار الأممي والذي تم اختراقه مراراً من قبل قوات علي عبدالله صالح وميليشيات الحوثيين، ومع هذا ظلت قوات التحالف تنفذ بنود قرار إعادة الأمل وإلى يومنا هذا على الرغم من الخروقات المتعددة من الحوثيين وقوات المخلوع ومن عاونهم من حزب الله والإيرانيين وبشهادات من الأمم المتحدة نفسها.
وقد اهتمت وسائل الإعلام الأجنبية بقرار إعادة الأمل وبدأ مرحلة جديدة من الحرب ضد الحوثيين.
فقد نقلت صحيفة الأندبنت عن أحمد عسيري أن الحزم حققت أهدافها، وأوضح أن المدنيين لن يتعرضوا إلى أي مخاطر أخرى، وأن المرحلة الجديدة (إعادة الأمل) تركز على توفير الأمن ومحاربة الإرهاب والبحث عن حلول سياسية.
وتحدثت وول ستريت جورنال الأمريكية عن مطالبات الحوثيين وقف العمليات العسكرية قبل بدء أي محادثات سياسية.
وقال مركز المعلومات السعودي الأمريكي (سوسريس) في تقرير لها: انتهت عاصفة الحزم وماذا بعد؟ مشيراً إلى أن القرار جاء بناءً على طلب الرئيس عبد ربه منصور هادي.
وأوضحت صحيفة ذا جولف تودي الإمارتية أن انتهاء عاصفة الحزم هو بداية لإعادة الأمل إلى شعب اليمن.
واليوم بعد عام كامل من عملية إعادة الأمل وما صحبها من تداعيات سياسية وتحركات عسكرية أصبحت هذه العملية على بعد مرمى من تحقيق أهدافها التي أعلنت عنها منذ انطلاق العملية خاصة مع المتغيرات اليومية والتي أهمها في نظري :-
1- الزيارات التاريخية التي قام بها خادم الحرمين الشريفين - سلمه الله - للشقيقة مصر وتركيا وما تمخض عنها من تحالفات وتوافق للرأي ستنعكس إيجاباً - بإذن الله وتوفيقه - على الوضع الراهن العربي والإسلامي بما فيه الوضع اليمني، وستدفع بالعملية السياسية للأمام.
2- الجهود المبذولة من دول التحالف لمد يد العون للمتضررين في اليمن الشقيق خاصة دولتي الإمارات العربية المتحدة ودولة الكويت الشقيقة واللتين كانت لهما جهود إغاثية مشهودة وقصب السبق في هذا المجال.
3- الجهود السياسية للدبلوماسية الخليجية المتألقة والتي أثبتت حضوراً متميزاً في عواصم القرار السياسي ممثلة بالوزير الجبير والوزير الخالد والوزير عبدالله بن زايد والوزير الخليفة والتي تمخضت عن رضوخ أطراف النزاع للجلوس على طاولة المحادثات مرات عديدة آخرها التي ستعقد في دولة الكويت الشقيقة في 18/أبريل /2016م.
4- الجهود السياسية للتضييق على حزب الله اللبناني والذي يعتبر يد إيران في المنطقة والداعم الحقيقي واللوجستي للحوثيين والمتمردين في صنعاء من قوات المخلوع على عبدالله صالح فقد اعترفوا بالمشاركة والتدريب والدعم المعنوي.
5- انسحاب روسيا من المنطقة والذي ألقى بظلاله على الحرب في اليمن لارتباط الحوثيين بالطاغية بشار.
هذه في نظري أهم المتغيرات التي حدثت في المنطقة خلال الأيام والشهور الماضية والتي كان لها تأثير مباشر على عملية إعادة الأمل.
واليوم وبعد عام من انطلاق هذه العملية الجبارة الناجحة بكل المقاييس أصبح الخيار الوحيد أمام الحوثيين وقوات المخلوع هو الرضوخ لنداء العقل والتوقف عن هذه المهاترات واللعب بمقدرات الشعوب بل بحياة الناس.
إن من أهم بنود عملية إعادة الأمل استئناف العملية السياسية وفق قرار مجلس الأمن رقم 2216 والمبادرة الخليجية ومؤتمر الحوار اليمني والذي يعني الجلوس على طاولات التفاهم وإيقاف هذا النزيف لمصلحة الجميع، فهل يعي أهلنا في اليمن أهل الإيمان والحكمة من زكاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله كما جاء في صحيح البخاري (4388) وصحيح مسلم (52) عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (أَتَاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ هُمْ أَرَقُّ أَفْئِدَةً وَأَلْيَنُ قُلُوبًا، الْإِيمَانُ يَمَانٍ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ) وفي رواية لمسلم (52): (جَاءَ أَهْلُ الْيَمَنِ هُمْ أَرَقُّ أَفْئِدَةً، الْإِيمَانُ يَمَانٍ وَالْفِقْهُ يَمَانٍ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ).
فهل عجز أهلنا في اليمن أهل الفقه والدين والإيمان والحكمة أن يضعوا الأمور في نصابها ويرجعوا لمنطلقاتهم الإيمانية والعربية فيرجعوا لنداء الإيمان والعقل ويضعوا مصلحة شعوبهم على المحك!!.
أما نحن الخليجين مجتمعين من السعودية إلى الكويت فالإمارات فالبحرين وبقية دولنا الخليجية أثبتنا للعالم بهذه المبادرة التي ما زلنا ندافع عنها رغم الخروقات المتعددة والتي لا تحصى من قبل الحوثيين وقوات المخلوع، أقول أثبتنا أننا لسنا طلاب حرب إلا إذا فرضت علينا كحال اليمن وأننا نطلب السلام ونسعى إلى ترسيخه وبسطه ونشره بين الشعوب لأننا نعي أن السلام يعني البناء والعمار والتطوير والحضارة بل الحياة.
وإن الحرب تعني الوجه البشع من التعامل بين الشعوب تعني الموت والهلاك والجوع والتأخر والعداوات، وهذا الواقع الذي نعيشه ويعيشه أهلنا في اليمن.
اليوم وبعد عام من إعادة الأمل والتي سعت فيها دولنا الخليجية لمد غصن الزيتون لليمنيين بلا استثناء.
وقد بحت أصواتها وهيأت لأهلنا في اليمن الأكل والشراب والعلاج والغاز والبنزين بل وكل مقومات الحياة من خلال لجان أنشئت خصيصاً لإغاثة الشعب اليمني كلجنة الإغاثة السعودية للشعب اليمني الشقيق التي يرأسها الدكتور عبدالله الربيعة.
وكلنا أمل ونحن نتطلع أن يعود الفرقاء إلى نداء العقل فيوقفوا هذه الحرب الدائرة ويعيدوا الأمور إلى نصابها فإن في ذلك مصلحة الجميع.
واليوم الكويت إذ تفتح أبوابها لمؤتمر يعول عليه الجميع وهو المؤتمر الذي يعقد في 18 أبريل بين اليمنيين برعاية أممية، فهل يزف لنا هذا المؤتمر بشرى اجتماع الكلمة وحقن الدم اليمني ووقف هذه الحرب وعودة الحياة لليمن السعيد.
نسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يحقن دماء المسلمين وأن يرينا الحكمة اليمينية والإيمان اليمني واقعاً ملموساً في وقف جرح أهلنا في اليمن وأن يعز الإسلام وأهله ويرد كيد الظالمين إلى نحورهم ويوفق حكامنا في الدول الخليجية ويجمع كلمتهم على العز والمعزة والرفعة والتطوير والتمكين.
نذكر أهلنا في اليمن بنداء الله في سورة الإسراء:-
{وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا، رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِن يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِن يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً} (53-54).
فهل من مجيب وهل من قائل سمعنا وأطعنا يا أهل الحكمة والإيمان، أين ذهبت حكمتكم وأين نداء الإيمان في قلوبكم، وعند الله تجتمع الخصوم، والأيام بيننا.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى، والحمد لله رب العالمين.
- الرياض