عماد المديفر
في 1989 قامت الصين بحظر كتاب لمؤلف صيني أساء فيه للإسلام، وتم حبسه كعقوبة قانونية مستحقة، وقامت السلطات بالتعاون مع ممثلين عن الجمعيات الإسلامية الصينية بإحراق نسخ الكتاب في مكان عام..
وفي 2007 الذي تصادف حلوله مع ما يعرف بـ»عام الخنزير» بحسب التقويم الصيني، وحيث جرت العادة أن يعلو رمز «العام الصيني» محطات التلفزة وبالأماكن العامة والاحتفالات.. قامت الحكومة بحظر عرض صور أو رسومات الخنزير على شبكات التلفزيون الرسمية احتراماً للمسلمين، وحرصاً على عدم إيذاء مشاعرهم.
وفي 2015 حين وقع الهجوم الإرهابي على مجلة تشارلي أبدو الفرنسية التي سبق لها وأن نشرت رسوما مسيئة للرسول الكريم -عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- قامت القنوات التلفزيونية الصينية الرسمية بانتقاد المجلة بأشد العبارات لنشرها الصور المسيئة، ودعت وكالة الأنباء الرسمية إلى وضع ضوابط لحرية التعبير، وقالت جريدة (جلوبال تايمز) الرسمية الصينية بأن الهجوم الإرهابي ردة فعل «طبيعي ومتوقع»..! - مع أني أخالف وجهة النظر هذه أشد المخالفة، ولا أبرر إطلاقا لهذا العمل الإرهابي المشين الذي لا ينتمي لديننا الإسلامي الحنيف بصلة - وقالت وكالة الأنباء الصينية الرسمية حينها بأن المجلة سعت لتهييج مشاعر المسلمين حول العالم بما يدفع باتجاه صدام الحضارات..
وتسمح الصين للمسلمين بالتمتع بإجازة في الأعياد الإسلامية، رغم أنهم لا يشكلون ولا حتى 10% من إجمالي المواطنين، كما يتم إعلان الأعياد الإسلامية عطلة رسمية في المقاطعات التي تحظى بتواجد عالٍ من المواطنين المسلمين كنيغيشيا، والشينجان. وقانون تحديد النسل هو الآخر غير مطبق على المسلمين الصينيين احتراماً لمعتقدهم وتقاليدهم.. في حين يتم معاقبة الصينيين من عرقية «الهان» -ذات الأغلبية الساحقة- أشد العقاب..!
لقد حظيت مقالتي السابقة حول مزاعم اضطهاد المسلمين في الصين بتفاعل واسع عبر (تويتر)، وأثارت ردود فعل متباينة، انقسمت ما بين موضوعية معتدلة ومنطقية، وأخرى سطحية عاطفية.. لكن اللافت فعلاً هو ذلك التصعيد المجنون والمنفلت الذي وصل حد الاعتداء والإساءة الشخصية تجاهي وتجاه صحيفتنا العريقة! بل وتجاه الإعلام السعودي الوطني برمته! ووصل بعضها إلى التكفير والتفسيق..! والتجييش المقصود والمنظم، والصادر حصراً من حسابات تجدها تعلن صراحة دعمها وتأييدها لتنظيم الإخوان المسلمين الإرهابي، أو تحمل أفكاره، وترفع شعاراته.. وتؤيد رموزه - أو تتعاطف معهم - بشكل أو بآخر؛ وهو لعمري مؤشر واضح الدلالة على صحة جميع ما ذكرته على لسان صاحبنا الصيني المسلم بشأن تلك القرائن التي تؤكد المرة تلو الأخرى على عمل مخطط.. وتورط لتنظيم الإخوان المسلمين الدولي مع الجماعات الإرهابية «السنية» في الصين وعلى رأسها «الحزب الإسلامي التركستاني» المصنف على نطاق واسع كتنظيم «إرهابي»، والدفع باتجاه إيجاد عقبات واهية أمام أي تقارب صيني حقيقي مع دول العالم الإسلامي، وتقديم تبريرات ملفقة، متسترين بذريعة «اضطهاد المسلمين الصينيين»..! وتمهيد الطريق لكل ما من شأنه أن يصب في مصلحة تحقيق تعاون صيني إيراني..!
وكان من اللافت أيضاً ما اكتشفته من خلال ردود الأفعال تلك.. بأني لم أكن أول إعلامي سعودي يسلط الضوء على زيف ما يروجه أتباع ومريدي تنظيمات الإسلام السياسي، والمخدوعين بآلتهم الدعائية، عن مزاعم اضطهاد المسلمين هناك.. إذ لاحظت أن صديقي -الذي أعرفه منذ ما يقارب العقد من الزمن- الإعلامي فهد عريشي (والمتواجد منذ ثلاث سنوات في الصين للدراسة) كان سَبّاقاً، من خلال مقالة له في صحيفة الوطن حملت عنوان» حقيقة قمع مسلمي الصين»، ما يعطي دلالة واضحة على تواتر صحة ما تطرقت له هاتان المقالتان من حقائق ومعلومات تم التوصل إليها من الميدان وبتجرد تام.
وأزيد من ذلك.. فقد سبقنا الإعلامي الاقتصادي السعودي فيصل العبدالكريم.. والذي لم أكن لأعرفه إلا بعد أن تتبعت ردود الأفعال حول المقالة السابقة، لأقع على سلسلة مقاطع فيديو بثها عبر تطبيق (سناب شات)، ثم جمعها معاً في قناته على (يوتيوب) تحت عنوان «تجربة الصين» و»رحلتي إلى شينجان (كشغر)» والتي وثق فيها الحقائق صوتاً وصورة..
إلى اللقاء..