د. عبدالرحمن الشلاش
عندما وجه مقدم البرنامج الفضائي سؤالا لعضو مجلس الشورى حول تصريحه المثير والغريب عن المتقاعدين والذي نصه «يا متقاعد روح اشتغل في القطاع الخاص وانزل الميدان واترك الدلع»، وأن هذا التصريح استفز المواطنين وخاصة المتقاعدين رد عليه العضو الشوري بعبارة أقسى حين قال «مواطن مين وبطيخ مين» في وصف فيه استخفاف برأي شريحة كبيرة يجب أن تحترم خاصة أنها تمثل رأي وطني عام لا بد أن يضعه أي مسئول في الحسبان.
الأمر الذي يجب أن يؤكد عليه من قبل المجلس حتى لا تكثر مثل هذه التصريحات غير المسئولة والمستفزة أن يبذل أي مسئول أو عضو ما بوسعه لخدمة المواطنين وبذل الجهد لنفعهم والتحدث بما يخفف من وطأة ظروف الحياة عليهم وهي المهمة التي وضعت الحكومة المسئولين والموظفين من أجل أدائها بالصورة المرضية، أو أن يلوذ بالصمت، فالصمت في مواقف كثيرة «حكمة»، أما كثرة الكلام والتصاريح غير المدروسة فضررها أكثر من نفعها وحين يجتهد الشخص لتصحيحها فربما ينزلق فجأة من وضعية «الدلع» إلى بسطة «البطيخ».
حاولت في الأيام الماضية أن أجد أي رابط بين مفردتي «دلع» و»متقاعد» فلم أفلح بتاتا. وجدت أن الدلع يكثر بين من ينغمسون في نعيم الحياة عندما لا يعجبهم أي شيء، وعند من ينعمون بالدلال ويتعودون عليه ولا يرضون بديلا أقل من المستوى الذي يعيشون فيه، فمن يصيف في أرقى المنتجعات، ويهرب عن الصيف الحار في آب اللهاب في مناخ قاري يشوي العصافير ليقضيه في أجواء باردة وطبيعة خلابة ليس مثل من تقعد به ظروفه المادية الصعبة ليحمد الله على نعمة العافية.
لن تجد أي تطابق بين مفردة الدلع وحياة كثير من المتقاعدين، وأتمنى أن يطلب مجلس الشورى بيانات من مصلحة التقاعد ليطلع السادة الأعضاء على رواتب المتقاعدين ليكون الحكم لهم أو عليهم، أما فكرة العضو الشوري بنزول المتقاعدين للعمل في القطاع الخاص فأعتقد أنها غير ممكنة عمليا ولأسباب كثيرة منها ما يتعلق بعدم قدرة أغلب المتقاعدين على دوام هذا القطاع والذي يمتد لثمان ساعات يوميا، والمتقاعد الذي أمضى سنوات طويلة في العمل الحكومي واستهلك فكريا وبدنيا بحاجة إلى الراحة، ومن ناحية أخرى فالوظائف إن كانت شاغرة فالشباب أولى بها.
بلا دلع وبلا مواطن بلا بطيخ، وقبل ذلك الموظف التنمبل، لكي لا يتكرر مثل ذلك مستقبلاً ومن نفس العضو أو غيره وكي لا يأتي بما هو أعظم لا بد أن يعتذر للمواطنين عن ما بدر منه.