ومضة
جميل هو حديث الأمل يعيد لنا الحياة
بعد تفكير عميق وتأمل طويل جدا بت على قناعة تامة بتعليل المنفلوطي منذ ما يقارب المئة عام عن سبب تعاسة الإنسان وشقائه، فقد وضح أن السبب يكمن في أن الإنسان يزهد في سعادة يومه ويلهو عنها بما يتطلع إليه من سعادة غده، فإذا جاء غده اعتقد أن أمسه كان خيرا من يومه، فهو لا ينفك شقيا في حاضره وماضيه!
هذا باختصار يعني (أن نعيش لحظة الآن)، أن نعيش حاضرنا فننسحب من ماضينا ومن مستقبلنا، أن نركز كل طاقاتنا في يومنا الحالي وتصبها كلها في لحظتنا الحالية لنولد البهجة والبركة ونصنع الأمل وتصبح لحظاتنا نورانية.
لماذا لا نعيش كل لحظة من لحظات عمرنا لحظة بلحظة إلى أبعد مدى ونقدر قيمة اللحظة الحالية؟ لماذا لا نعيش الآن؟
فلماذا نحن دائمي التفكير في المستقبل وكاهلنا مثقل بالماضي أيضا؟
لماذا نحن دائمي العبوس والتوتر والخوف والقلق لا نعيش بهدوء ولا بسلام ولا بسكينة؟
لماذا لا نسمع الكلام الطيب لتطمئن قلوبنا؟
لماذا لا نصغي إلى صوت العصافير، صوت الهواء، ألحان الطبيعه، صوت البحر...لماذا لا نسمع آذاننا بديع خلق الله لتهدا أرواحنا ؟
لماذا لا نتأمل لا نلتفت حولنا ونرى ملكوت الله، السماء، السحب، الشلالات، انبثاق الفجر، القمر، مناظر الطبيعة الخلابة...لماذا لا نرى ونتأمل ونسبح الله المبدع جل في علاه ؟
لماذا لا نتعلم حسن التوكل على الله من أسراب الطيور التي تغرد صبيحة كل يوم فرحة، تغدو خماصا وتروح بطانا متوكلة على خالقها، رازقها، وحاميها.
قد يقول قائل ما هذا الهراء، كلام مثالي ومحض خيال، فنحن نعيش واقعا قاسيا بكل جوانبه، حياة صعبه، وضع اقتصادي سيئ، ناهيك عن الحروب والتفجيرات والنزاعات في كل شبر من الكرة الأرضية... وأنا أقول هنا بأن الأمر يحتاج إلى تدريب (وإنما العلم بالتعلم)، الأمر يحتاج إلى قليل من الإيجابية، وإنما الإيجابية هي فن التعامل مع المشاكل وليس خلو حياتنا منها.. الأمر يحتاج إلى قليل من التفاؤل (تفاءلوا بالخير تجدوه)، فالتفاؤل لا يعني أن لا نتعب أو أن لا نمرض أو أن لا نبكي أو حتى أننا لن نموت.. بل هو أن نمتلك الرضا عن كل أقدرانا ونعيشها حامدين شاكرين مبتسمين من قلوبنا ونحسن الظن برب العالمين.
حقا إن الحاضر صغير جدا كحجم الذرة ويمكن أن نفقده بسهولة، لذا فلنعش لحظة الآن، فهي لحظة غاليه جديرة بأن نحافظ عليها وأن لا نضيعها بالتفكير بأشياء لم يعد لها وجود أو أشياء لم توجد بعد.. دعوا لحظاتكم تتسم بالفرح الكبير وستعيشون حالة مستمرة من التجدد كل لحظه، ستندهشون من بريق الاندهاش في أعينكم، لن تشعروا بالملل الشديد والفراغ أو خلو الروح من معنى الحياة وأهميتها.. لن تشيخ أرواحكم، ولن يغطيها غبار التبلد وفقدان الفرح، بل ستنضج ولن تهرم.. لقد جربت ذلك، جربته بنفسي، وها أنا أهدي لكم خلاصة تجربتي.