نحمد الله على ما منّ علينا من نعم كثيرة لا تعد ولا تحصى ومن تلك النعم نعمة الاقتران والزواج والإنجاب وتكوين حياة أسرية جديدة يملؤها السعادة والمودة والرحمة والتفاهم والاحترام المتبادل بين الزوجين، وجميع ذلك يتم بفضل من الله علينا وعلى من وفقه الله في حياته الأسرية.
وأود في هذا السياق أن أطرح بعض ما يعكر أو يتسبب بفشل بعض تلك الارتباطات الزوجية التي قال الله جل وعلا في كتابه المنزل: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً وهذه الآية لها دلالة قوية جداً ومعانٍ كبيرة وكثيرة منها الذي لا يقبل تفسيرها إلى معانٍ مخالفة لما هو مقصود بها، وهو أن الله قد أكد أنه قد جعل المودة والرحمة بين الزوجين من خلال توثيق عقد الزواج والنكاح الذي تم بين الزوجين وهذا رابط لا يقبل الاستهتار به أو تأويله لمعانٍ أخرى إلا أنه وللأسف في السنوات الأخيرة قد أصبحت ظاهرة الطلاق والانفصال في ازدياد مستمر في بلادنا، ويعود ذلك إلى أسباب عدة منها ما هو مقنع وهذا قليل جداً، ونسبة ذلك لا أعتقد بأنها تتجاوز 10 في المائة من إجمالي نسبة الطلاق الحالية التي تنضر أمام محاكم الأحوال الشخصية، وأما الأسباب الأخرى فهي كثيرة وبنسب عالية ومتفاوتة، ومنها ما هو أسبابه غير مقنعة وغير منطقية وهي كثيرة جداً ولا يجب أن ينظر في طلب الانفصال أو الطلاق فبها سواء من الزوج أو الزوجة ومن أصر على أن يتم له السير في إجراء ذلك من الزوجين يتم تحقيق ما يطالب به بعد أن يكون هناك رادعاً يثنيه عما يطالب به بدون أسباب مقنعة وحكومتنا الرشيدة لم تألُ جهداً في سبيل العمل على الحد من تلك الظاهرة وقامت مشكورة -بحمد الله- بإيجاد الأنظمة والقوانين التشريعية المكملة للشريعة الإسلامية فيما يخص ذلك وقامت بزيادة فتح المحاكم والإدارات المؤهلة والمختصة للفصل في ذلك التي تضمن للجميع ولكلا الزوجين الاستمرار في حياتهم الزوجية بكل يسر وتفاهم ومودة ومناصحة واستقرار عائلي لا يعكره شائبة ولما تشهده محاكم الأحوال الشخصية -حالياً- من كثرة ظاهر طلب الطلاق وطلب الانفصال والحضانة، وغير ذلك من تلك القضايا فحبذا لو قامت حكومتنا الرشيدة بالموافقة على إنشاء جمعيات خيرية أسرية يتم لها تلقي الدعم المالي من رسوم يتم تحديدها وتحصيلها من خلال فرض رسوم عينية على عقود الأنكحة التي يتم إجراؤها بين الزوجين وكذلك من الجمعيات الخيرية ويقوم عليها أخصائيون في الشئون الزوجية ومن خريجي كليات الشريعة وأخصائيين اجتماعيين مؤهلين وباحثين ومشرفين اجتماعيين اجتماعيين ولها صلاحيات محدودة ومعينة في ذلك، ومنها -أيضاً- إعطاء محاضرات مستمرة ودورية لطالبي الزواجمن كلا الجنسين لشرح الحياة الزوجية لهم والواجبات الواجبة على الزوج والزوجة تجاه كل منهما على الآخر ونحو ذلك وكذلك التوفيق والبحث لمن يرغب في الزواج سواء من النساء أو الرجال إلى إكمال نصف دينه وعلى أن يهمش دور الخاطبين والخاطبات -حالياً- في ذلك الشأن، وكذلك يكون لها الاختصاص لدراسة كل طلب يقدم إلى محاكم الأحوال الشخصية وتكون مقار تلك الجمعيات في عدة مناطق وأحياء ولا يتم نظر أي دعوى طلب الطلاق أو الانفصال إلا بعد الاجتماع مع الزوجين شخصياً من قبل تلك اللجان ودراسة أسباب طلب الانفصال فإذا كانت مقنعة لأعضاء اللجنة يتم من خلالهم أولاً المحاولة في إجراء الإصلاح بين الزوجين أو الرفع للمحاكم من تلك اللجان بعد أن يتم رفض الإصلاح من قبل أحد الزوجين على أن تفيد تلك اللجنة المحكمة أي من الزوجين هو الرفض لقبول الصلح وأنه قد أصر على الانفصال وتبدي اللجنة رأيها لناظر الدعوى في المحكمة في حالة الإحالة إلى الشرع على أن يلزم من يصدر عليه الحكم بمصاريف الدعوى التي يجب ألا تقل عن نسبة 25 في المائة من المهر المحدد في عقد الزواج ويكون مبلغ تلك النسبة ريعها لصالح الجمعية الخيرية للإصلاح الأسري وكذلك يلزم المطالب بالانفصال أو الطلاق أن كان طلبه غير مبرر ومقنع بنصف الخسائر التي سببها للطرف الآخر بعد عقد الزواج في حالة أن الأبناء بينهم أقل من أربعة أبناء وعلى أن يشمل ذلك الحكم ضم أو فصل حضانة الأطفال إن وجدوا ونفقتهم وزيارتهم وكل ما يخص شئون الأطفال بين الزوجين وأهلية من يستحق الحضانة منهم ومن رفض أو أصر على طلب الانفصال فينظر في طلب الحضانة، حيث هو المتسبب في طلب الانفصال وتشريد الأبناء ما لم يكن طلبه بسبب مقنع من قبله ومؤيداً من قبل لجنة الإصلاح في الجمعية الأسرية، وكذلك على ألا يتم إجراء عقد زواج آخر للمطلق أو المطلقة إلا بعد اطلاع الزوج والزوجة المتقدمان لطلب عقد نكاح جديد على صك الطلاق الذي تم سابقاً لأي منهما وأن يُقران بصحة اطلاعهم على صك الطلاق وأسباب الانفصال المدون به والطلاق السابق وأنهم قد قبلا بما تضمنه لأن المقصود من ذلك والهدف منه هو من أجل التقليل من نسب الطلاق الحالية التي هي في ازدياد مستمر في مملكتنا الحبيبة وكذلك حبذا لو يشمل تحليل فحص الدم المعمول به -حالياً- عند عقد الزوج إجراء تحليل عدم تعاطي المخدرات لكي تنخفض نسبة طلب الطلاق، فيما يخص ذلك السبب -لا سمح الله- وأن المقود من ذلك هو من أجل ألا يكون هناك سرعة في إتمام طلب الانفصال أو الطلاق إلا في حدود معينة ومقنعة وعلى أن يتم دراستها من قبل المختصين في الجمعية الخيرية السابق ذكرها، وذلك من أجل أن يتم الاستمرار في الاستقرار الأسري وأن ينعم أبناء وبنات بلدنا الحبيب بكل خير وأدعو الله للجميع بالتوفيق والسعادة في حياتهم الأسرية والزوجية والعائلة.