عروبة المنيف
أن تقطن في حي سكني يجد فيه هواة التفحيط ضالتهم من السعة، يجعلك تسلم أمرك لله، حيث تعريض حياة السكان للخطر ناهيك عن الإزعاج والفوضى الناتجة عن تلك الجمهرة في الحي، فليس بيدك كساكن سوى التشهد على حياتك إذا صادف مرورك في ساعة استباحة الإرهابيين المفحطين للشارع الوحيد المؤدي إلى بيتك أو المكوث في بيتك إلى حين انتهائهم من ممارساتهم البهلوانية الإرهابية حفاظاً على حياتك وحياة أسرتك أو الاتصال بالمرور الذي يواجه باستهتار المفحطين وجمهورهم نتيجة عدم وجود عقوبات رادعة توقفهم عند حدهم في استهتارهم بالأرواح والممتلكات، فهم لا يختلفون كثيراً عن الإرهابيين الانتحاريين حيث تهون عليهم أرواحهم وأرواح غيرهم!
إن إصدار حزمة من القرارات الحكومية -مؤخراً- التي تصب في صالح المواطنين أثلجت صدورنا، فقد تضمنت إدراج عقوبات للمفحطين وآمالنا كبيرة بمساهمة تلك العقوبات في الحد من هدر الأرواح والممتلكات على الطرقات وفي التقليل من الحوادث المرورية التي تصدرنا دول العالم بها.
ويعد التفحيط في القرارات الجديدة مخالفة مرورية من الدرجة الأولى يعاقب مرتكبها في المرة الأولى بحجز المركبة لمدة أسبوعين وغرامة مالية تبلغ عشرين ألف ريال ومن ثم يحال إلى المحكمة للنظر في تطبيق عقوبة السجن في حقه، وفي المرة الثانية تحجز المركبة لمدة شهر ويدفع غرامة مقدارها أربعون ألف ريال ومن ثم يحال إلى المحكمة للنظر في تطبيق عقوبة السجن في حقه، وفي المرة الثالثة تحجز المركبة وغرامة مالية مقدارها ستون ألف ريال ويحال إلى المحكمة للنظر في مصادرة المركبة أو تغريمه بدفع قيمة المثل للمركبة المستأجرة أو المسروقة وسجنه.
لقد أفرزت ظاهرة التفحيط العديد من الظواهر السلبية، كسرقة السيارات، حيث تؤكد الإحصاءات أن سارقي السيارات هم من الشباب التي تتراوح أعمارهم بين 17 و36 عاما، ونسبة كبيرة منهم، حسب اعترافاتهم، يسرقون السيارات بهدف التفحيط بها! ظاهره أخرى لا تقل سوءًا عن الأولى وهي مساهمة التفحيط في انتشار آفة المخدرات، فقد أثبتت التحقيقات مع غالبية المفحطين الموقوفين بكونهم متعاطين أو مروجين، ويعمد المروجون إلى الاتصال بالمفحطين من أجل إيصال المخدرات إلى جمهور المفحطين!
إن من يقوم بتلك الممارسات الجنونية لا شك بأنه إنسان غير واع واقع تحت تأثير المخدر، فقيادة سيارة بسرعة جنونية تفوق الـ200كم/ساعة بدون حساب للكارثة التي ستحل به هو عمل إرهابي انتحاري لا يعي فيه المفحط حجم عواقبه! سلوك منحرف آخر أقر به عدد لا يستهان به من المفحطين عند التحقيق معهم مرتبط بدوافع التفحيط، لقد اعترفوا بأن الشذوذ الجنسي هو من أهم الدوافع كذلك، حيث يمارس المفحط ذلك الجنون من أجل عيون «فلان وعلنتان»!، لندخل في سلسلة سلوكيات خطيرة غير محمودة العواقب.
إن إدراج تلك العقوبات ضد المفحطين هي قضية أمن وطني بالدرجة الأولى، لمساهمتها في تجاوز الظواهر السلبية التي نمت وترعرعت في أحضان التفحيط وأهله. ولكن يبقى التعويل على تطبيق العقوبات بصرامة شديدة فلا يستثنى أحد والثقة كبيرة بوزارة الداخلية وكفاءتها في مكافحة الإرهاب ومن ضمنها ذلك «الإرهاب التفحيطي».