أمل بنت فهد
لنا في جنوب الوطن أرواح تعلقت بها قلوبنا.. جنود نتحدى بهم.. ونفاخر بهم.. شيء منا يخاف عليهم.. وجزء منا مؤمن بهم.. ولن ننسى يومًا أنهم هناك شرعوا صدورهم أمام النار ليكون الوطن آمنًا مطمئنًا.. هم قصيدة مطلعها وطن وشهيد.. هم متنها والقوافي.. قصيدة بدأت ولن تنتهي.. ونحن امتدادها حيث كنا.. أتدرون كيف؟
هم قدموا أرواحهم.. أتدرون لماذا؟ لنكمل نحن طريقهم.. ولتكن تلك الدماء الطاهرة شاهدة علينا إن كنا أدينا الأمانة.. أمانة الوطن.. أمانة التقدم.. أمانة التطور.. أمانة التنمية.. أمانة أن يكون الوطن بخير.. أمانة أن نتلقف القرارات التي تخدمه ونفعلها.. كلنا.. لا أحد مُستثنى من تنفيذ وصية الشهيد التي لم يقلها ولم يكتبها.. إنما قدم روحه فداءً للوطن ليخبرنا أن الوطن هو وصيته ورأس ماله.
أبطالنا في الحد الجنوبي.. أبطالنا في قلب الوطن.. أبطالنا في مرتكز القيادات.. وكل من حمل هم الوطن بطلٌ يستحق أن نكمل ما بدأه.. يستحق أن نتمم تضحيته.. سواء كانت بالروح.. أو الوقت.. أو الجهد.
الدعاء وحده لا يكفي.. والامتنان على الصفحات لا يكفي.. والقصائد لا تكفي.. ليس أقل من تمام المهمة.. هم قدموا نصيبهم منها.. فأين نصيبنا نحن من هم الوطن؟
قرارات تعلن بعد جهد جهيد من الدراسة والبحث.. تتخذ لزيادة إيرادات الوطن.. وأخرى تتخذ للحد من عبث المستهترين بالأرواح.. الفارغين من الطموح.. وكل قرار من شأنه حماية أو تقوية اقتصاد الوطن هو إعلان لتتمة مهمة المرابطين ووصية الشهداء.
كل أمر يحدث ويرفع من شأن الوطن هو محاولة لرد الجميل الذي قدمه شهداؤنا.. وكل أمر يحاك ضد الوطن خيانة لهم.. واستخفاف برسالتهم.
لذا كلنا مدين لهم.. فكيف نقضي الدين إن لم يكن بتقدم الوطن.. وحمايته من الداخل.. ودفعه إلى مصاف الدول المهيبة والمتقدمة والثرية.. كل فرد مدين.. لا أحد يمكنه أن يقضي دينه إلا بروحه.. قليل من العمل من أجل الوطن بمنزلة شكر لأبطاله.
ولو ترك لك إنسان عزيز عليك أبناءه ورحل عن الدنيا.. فإنك تبر أبناءه وفاء له.. فكيف بشهيد ترك لنا الوطن أمانة؟
لنمنح الوطن أفكارنا.. وجهدنا.. وقلوبنا.. فالوطن باقٍ وكلنا راحلون.. فانظر وأسأل نفسك لحظة يغشاك الخجل أمام همة أبطالنا في الحد الجنوبي.. حين قدموا أرواحهم.. ماذا قدمت أنت؟