منذ ما ينيف عن الخمسة أعوام بدأت القناة الثقافية بالتليفزيون السعودي البث كقناة معنية بالشأن والحراك الثقافي في المملكة.
إلا أن هذه القناة - رغم جهودها وسعيها - لم تتمكن خلال تلك الفترة من إيجاد موقع لها كرافد رئيسي للحراك الثقافي في بلادنا ونافذة ينطلق منها المثقف السعودي إلى فضاءات أرحب خارج النطاق المحلي معتمدة منذ نشأتها على البرامج الحوارية وبعض المواد المسجلة سلفاً ما أفقد القناة اهتمام المشاهد, كما اعتمدت على تكرار الضيوف الجاهزين للحضور والمشاركة عند الطلب وأهملت التواصل مع الشريحة الأكبر من المثقفين في مختلف مناطق المملكة.
إن الثقافة هي الحياة وهي نتاج كل فكر إبداعي ابتدعه العقل البشري في كافة مناحي الحياة... والثقافة أيضاً هي نتاج خبرات وموروثات إنسانية متعاقبة تنتقل عبر حقب زمنية متفاوتة بالنقل والسماع والتدوين والرسم والتصوير.
فالقناة الثقافية تشهد حالياً توجه حثيث لتطوير أداءها وتفعيل دورها الواسع بتقديم مادة تليفزيونية ثقافية متنوعة تواكب تطلعات المثقفين وتعمل حثيثاً لتكون ناقل للحراك الثقافي في المجتمع والانتقال ببرامجها من الاقتصار على البرامج الحوارية والانطلاق إلى البرامج التفاعلية التي يسهم المشاهد بالمشاركة المباشرة فيها.
أعود فأقول... إن القناة الثقافية بحاجة ملحة للخروج من الأطر التقليدية إلى العمل الدؤوب نحو آفاق أرحب لإبراز ثقافة ومثقفي الوطن لا سيما أن المملكة تشهد في السنوات الأخيرة حركة نشر وإصدار تعد الأعلى والأكثف على مستوى العالم العربي بدليل النجاح الباهر الذي يحققه معرض الرياض الدولي للكتاب, حيث يتسابق الناشرون والمثقفون على المشاركة به للإقبال المنقطع النظير من مرتاديه الذين يأتونه من كافة مناطق المملكة وأيضاً للقوة الشرائية التي يتمتع بها الفرد السعودي ما يسهم في حركة شراء كثيفة ما يساعد على انتشار الكتاب كمنتج ثقافي وتداوله بين أيدي الناس.
إننا نتطلع لدعوة كافة مثقفي الوطن ومؤسساته المعنية بالشأن الثقافي التفاعل والمشاركة الإيجابية بالآراء والرعاية الفاعلة فالثقافة لا يمكن تقوم بها قناة تليفزيونية تعتمد على جهودها الذاتية فالعمل الثقافي جهد إنساني مشترك, كما أن الإعلام الحديث أصبح صناعة مكلفة تحتاج لتوفير الدعم المادي والدعم المعنوي لتقديم منتج إعلامي يليق بهذه القناة الطموحة.
- محمد الخضري