ناصر الصِرامي
قصة زيادة رسوم الخدمات أو رفع الدعم الحكومي عنها، حكاية لا تختلف ردة فعلها بين شعوب العالم، إنه جدل مع رفض لأي زيادة مهما كانت مبرراتها، وهذا أمر مفهوم جدا.
قد يكون الاختلاف فقط في طريقة التعبير عن الرفض، بحسب العلاقة التي تربط دولة بمواطنيها،كما الحقوق والواجبات المتبادلة بين الطرفين.
لكن الأمر الذي لا يجد معارضة مطلقة من الجميع، بل قد يكون مقبولا بشكل واسع، يتمثل في أن تحصل الحكومة على رسوم إضافية مقابل خدمات إضافية وأكثر جودة.
في عدد من الدول تجارب مهمة، تغلبت على البيروقراطية المملة في التعاملات الحكومية وتعقيداتها عبر خصخصتها، وبالتالي تقديم مستوى عال من الخدمات مقابل رسوم معقولة ومدروسة، أو عبر تقديم نوع جديد من الخدمة السريعة في إنجاز المعاملات والتصاريح بمقابل مالي أعلى من السائد، مقابل 24 ساعة إلى 48 ساعة لإنجاز أي معاملة، أو مقابل ساعات معدودة للمعاملات الاعتيادية، وهكذا.
رفع جودة الخدمات وسرعتها في الدوائر الحكومية ذات العلاقة، من التجارة، للعدل، للعمل، للصناعة والجوازات والمرور وكل الهيئات الحكومية بتعاملاتها ومعاملاتها مع الجمهور دون استثناء، مقابل رسوم مالية أعلى للخدمات الخاصة والسريعة، سيكون حلا ممتازا لرفع إيرادات الدولة دون تضرر أصحاب الدخل الأقل، كما يرفع وتيرة أداء مراكز الخدمات الحكومية بشكل مباشر.
زيادة الرسوم التقليدية التي تنفذه بعض الدول اليوم، تتجه في الغالب نحو القطاعات التي يأتي إليها المواطن، لكن التغير الذي يحدث اليوم هو ذهاب الأجهزة الحكومية خطوات أوسع للأمام لتوفير خدمات جديدة وسريعة بمقابل إضافي مهما يبلغ هذا المقابل.
هذا يضاف طبعا إلى رفع كفاءة وصرامة تطبيق الأنظمة الحالية على المخالفين وتحصيل مستحقات المخالفات بشكل دقيق وحازم.
الأمر الذي يحقق المزيد من النظام والانضباط، وأمامنا استخدام التقنية الحديثة وكاميرات المراقبة العامة للمخالفين لأنظمة المرور والذي أثبت نجاحه رغم كل الجدل القائم حوله، أو حول أسلوب التنفيذ، وكل الدراسات تؤكد أن شعور الإنسان بالرقابة يقود إلى الالتزام التام بقواعد النظام.
لن يختلف الناس على معاقبة كل مقصر أو مخالف أو مخل بالنظام العام مهما كان حجم العقوبة المالية، من التستر إلى عقوبات التأخير في التحديث للوثائق المختلفة، إلى المخلين بنظافة الأماكن العامة، والنظام العام في كل تفاصيله.
ولن يختلف الناس أيضا على دفع رسوم مضاعفة مقابل إنجاز خاص ونظامي - فوق الطاولة لا تحتها- للأوراق الرسمية والمعاملات الحكومية، لتصبح لمعاملات التي تستغرق أشهر، تحتاج إلى أيام، أو التي تستغرق أياما تنجز في ساعات وهو أمر ممكن اليوم بفضل التعاملات الالكترونية.. وهكذا..
لن يتضرر أحد من تقديم مراكز خدمات حكومية حديثة خدمات خاصة وعاجلة بشكل رسمي، مقابل رسوم مضاعفة، مع بقاء الخدمات الاعتيادية الطويلة متوفرة برسوم مقبولة.
ولنا أن نقيس ذلك على كل القطاعات الخدمية، ودوائر المراجعات الحكومية، في كل مناطق ومدن البلاد. وقد نجد أرقاما كبيرة تصل لخزينة الدول مقابل الخدمات الإضافية، أكثر من أي زيادة تقليدية للرسوم، فالناس تحب السرعة وقد تتباهى بها..
وفي نفس الوقت سنسجل فرصة ثمينة للقضاء على الرشوة والفساد والمحسوبية والواسطة المخلة بالنظام.