ياسر صالح البهيجان
اتجاه المملكة إلى سنّ تعرفة جديدة لرسوم دخول العمالة الأجنبيّة وخروجها من أبرز الخطوات التصحيحيّة لإنعاش الاقتصاد السعودي في ظل ما تشهده معظم القطاعات الحيويّة من تزايد في حالات الاستقدام والتي تفضي إلى هجرة الأموال إلى الخارج، فضلاً عن إحباطها للمساعي الرامية إلى إيجاد العديد من الفرص الوظيفيّة للمواطنين.
الرسوم الجديدة ستسهم في توفير إيرادات إضافية في ميزانية الدولة، وتعزز من السعي الحكومي لتنويع مصادر الدخل والاتجاه إلى المصادر غير النفطي والتي منها إعادة النظر في تعرفة الرسوم المفروضة على العمالة الأجنبيّة في ظل ما تجده من تسهيلات لمزاولة مختلف الأنشطة، ولا شك بأن هذا ليس كل ما يعنيه تنويع المدخولات، فهي تأتي إلى جانب حزمة أخرى من التحركات لتنمية القطاعات الأخرى كالصناعة والتجارة والسياحة وغيرها.
كما أن رفع الرسوم المفروضة على العمالة سيقلص الفجوة فيما بين أجور المواطنين والأجانب في العديد من المهن، لو افترضنا بأن هناك مهنة بمسمى مبرمج يتقاضى فيها الوافد 5 آلاف ريال، فيما يطلب الشاب السعودي مرتباً قدره 8 آلاف ريال للعمل في هذه الوظيفة، سنجد بأن الفجوة تعادل 3 آلاف ريال.
بعد زيادة الرسوم سيضطر العمال الأجنبي لطلب راتب أعلى في عقده الجديد ولن يكتفي بـ5 آلاف ريال، حينها قد يطلب عقداً بتكلفة 7 آلاف ريال شهرياً، وهذا سيجعل الفرق فيما بينه وبين ما يطلبه المواطن ألف ريال فقط، لذا ستفضّل معظم جهات القطاع الخاص استبدال الوافد بالسعودي لما يحققه الأخير من استدامة، إضافة لخلو عقده من الالتزامات الإضافية منها تكاليف تذاكر سفره وقيمة تأمينه الطبي أو تأمين سكن له ولأسرته.
الأمر لا يقف عند هذا الحد، حتى إن قرر العامل الأجنبي البقاء وتحمّل تكاليف الرسوم الجديدة فإنه سيحد من استقدام أسرته إلى المملكة لخفض كلفة المصروفات، ما يعني بأن الفرص الوظيفيّة التي تشغلها الوافدات القادمات مع أزواجهن العاملين في السعوديّة ستتحوّل إلى وظائف شاغرة بالإمكان توظيف الفتيات السعوديّات فيها، وستخلق فرصاً ضخمة للمواطنات العاطلات عن العمل في قطاعات التعليم والصحّة والمشاغل النسائيّة وغيرها من القطاعات.
والأثر سيطال كذلك المناطق العشوائيّة في المدن والتي عادة ما تقطنها الأسر الأجنبيّة لانخفاض تكلفة المساكن فيها، فإن انحسر أعداد الأسر الوافدة سيضطر ملّاك تلك العقارات المتهالكة إلى تطويرها وجعلها أكثر ملاءمة لاحتياجات المواطنين، ما يعني ارتفاع أعداد المساكن المعروضة والتي ستحدث نوعاً من التوازن فيما بين العرض والطلب، ومن شأنها أن تحد من التضخّم في القطاع العقاري.
الإيجابيّات التي سيجنيها الوطن والمواطن من قرار رفع الرسوم على العمالة الأجنبيّة أعز من أن تحصى شريطة تطبيقه بجودة وكفاءة عاليتين، والعمل على سدّ أي ثغرات قد تسعى بعض الشركات إلى إيجادها للتملّص من تلك التكاليف الجديدة، والقرار بحاجة أيضاً لتكاتف كافّة الجهات المعنيّة والمواطنين إن أردنا بناء اقتصاد سعوديّ متين يضع مصلحة وطننا وتحسين مستوى حياة المواطن في مقدمة أولويّاته.