يوسف بن محمد العتيق
الباحث بشكل عام، وبغض النظر عن منهجه وتوجهه العلمي تبقى مكتبته أعز ما يملك كونه خرج إلى الوجود العلمي والثقافي من خلالها، لذا فإن المكتبة تعني له الكثير وأكثر من الكثير، حتى أن (ابن الملقن) عالم الحديث الكبير احترقت مكتبته، فمن شدة الصدمة عليه أصابه أقرب ما يكون للخرف أو الهوس وشرود الذهن، حتى أصبح حديثه للناس صعباً ومتعذراً.
هذا إذا تعرضت مكتبتك لمكروه لا سمح الله، لكن هل يتجرأ شخص رافقته الكتاب مسيرة العلم والتحصيل والنجاح منذ نعومة أظفاره أن يقوم هو بعملية الابتعاد الطوعي أو القسري عن هذه الكتب؟
أحد الأدباء الكبار داهمته الديون من كل جانب فما كان منه ليتخلص من الديانة إلا ببيع مكتبته، فقال في هذه المصيبة الكبيرة أبياتا شهيرة أنقلها لنعرف كيف كانت معاناته:
أنست بها عشرين حولاً وبعتها
لقد طال وجدي بعدها وحنيني
وما كان ظني أنني سأبيعها
ولو خلدتني في السجون ديوني
ولكن لضعف وافتقار وصبية
صغار عليهم تستهل شؤوني
وهذه الأبيات الثلاثة تختصر معاناة كبيرة لهذا الأديب الذي باع مكتبته مضطراً وقد اعتصر الحزن قلبه.