كوثر الأربش
هل تدري ماذا يعني أن نحتل المرتبة الأولى عالميا في عدد الحوادث المرورية؟ ماذا يعني أن الخسائر المادية بلغت 13 مليار سنوياً؟ 30 في المئة من عدد الأسرة يشغلها ضحايا الحوادث المرورية؟ يعني أن المسألة تعدّت مرحلة التوعية النظرية، تعدت الأفلام القصيرة، ولافتات الشوارع التي تخبرنا بضرر التفحيط أو مخالفة قواعد السير. تعدينا مرحلة التوبيخ واللوم والتقريع. ان كل الدفاعات لم تؤتِ بنتائج تذكر، وأنه حان وقت الحسم.
أحد القرارات المهمَّة التي أقرها مجلس الوزراء السعودي هي رفع قيمة الغرامة المالية للتفحيط، بالإضافة لقرارات واسعة الطيف تشمل مناحي عدة، لكن لكوني أُماً، سعدت للغاية للخبر. وأنا متأكدة أن كل الآباء والأمهات الآن في حالة رضى وارتياح للخبر. لأنك إن لم تكن والداً فلن تفهم معنى أن يتوقف قلبك طوال بقاء ابنك المراهق خارج المنزل، معنى خيالات مفزعة تخنقك كل ساعة تمر. نعم.. 20 ألفا، أو 40 ألفاً، أو 60 ألفاً ليست غرامة تفحيط وحسب، بل قيمة أن يكف الشباب عن الإسراع للموت، أو التشوه أو الإعاقة، 60 ألفا مقابل أن يكف هؤلاء المراهقون عن جعل قلوب الأمهات تجن قلقاً.
من جانب آخر، يعد هذا القرار وجيهاً، بأن يساهم المواطن الذي يعرض نفسه والآخرين للخطر برفع ميزانية البلاد. فكر معي، سيكون هذا درسا للنزقين وغير المسؤولين بأن كل مرة تكون خطراً على نفسك وعلى المواطنين الأبرياء سوف يكون في ذمتك مبلغ يرفع دخولهم، أو يصب في صالحهم. لكن علينا بعد هذا القرار أن نعيد تدوير الميزانية بابتكار مراكز ومشروعات تغني الشباب عن التفحيط كوسيلة ترفيه، وتعزيز ثقافة الترفيه المثمر، والمفيد بدلاً من ثقافة الترفيه الخطر والمؤدي للموت أو لعاهة مستديمة. إن قرارات كهذه يمكن لها أن تحل أكثر من أزمة في وقت واحد، ولا ننسى أنها ستتيح أسرة المستشفيات لمرضى أكثر حاجة من شاب قرر أن يلهو عن حساب العواقب.