سميرة مدني
الذين عاصروا ما يسمى بالجهاد الأفغاني ضد الاتحاد السوفييتي نقلوا لنا معلومات خطيرة جداً يمكن بعد جمعها وتحليلها الخروج منها بدروس وسياسات وخطط جديدة نستفيد منها في معالجة الكثير من المشاكل في بلادنا والتي تنشأ بسبب صراع بعض التيارات المتناحرة على سيادة المشهد وكسب الشهرة بين أفراد المجتمع السعودي حيث تحقيق مكاسب مادية ووظيفية ومعنوية ضخمة، أيام الجهاد الأفغاني نشأ في المجتمع السعودي وجهة نظر استراتيجية أثبتت صدقها وبعد نظرها كانت تنادي المجتمع السعودي بالتريث في تسمية ما يحدث بين الروس والأفغان بالجهاد وتدعو بشكل أشد إلى التوقف عن دعوة الشباب السعودي والعربي بشكل عام إلى الذهاب إلى هناك وتدعو إلى عدم التبرع تحت مسمى دعم الجهاد الإفغاني،كان هناك من يدعو إلى وقف الخطاب الديني الذي يؤجج الشباب ويغيب عقلوهم ليذهبوا إلى هناك ويفنون زهرة شبابهم في حرب لا ناقة لنا فيها ولا جمل يشوبها الكثير من الشبهات والمؤامرات السياسية التي أبعد ما تكون عن الجهاد، الذين كانوا ينادون إلى ذلك تم مهاجمتهم من قبل التيار الديني الذي يقوده ولا زال الحزب الإخواني وتم تسميتهم بالليبراليين أعداء الدين والذين يدعون بفصله عن الدولة! كل من كان يكتب أو يتحدث ضد دعوة شبابنا للاشتراك في الحرب الأفغانية الروسية كان يصنف رغم عنه بالليبرالي، ويدعى عليه في المساجد، ويشنع به ويحارب حرباً ضروساً وينبذ وينادى عليه بعدو الدين حتى وإن كان يصلي الخمسة فروض في المسجد، وبعد مضي أكثر من ربع قرن من ثبوت صدق من تم وصفهم بالليبراليين تم طمس دورهم وأهميتهم بل وركوب موجتهم من قبل من كانوا يهاجمونهم تحت مسمى تراجعات ومراجعات وجهات النظر حول الجهاد الأفغاني واستمرار نبذهم وتهميش دورهم في كل القضايا المصيرية التي حدثت ولا زالت تحدث منذ نهاية ما يسمى بالجهاد الإفغاني، ولو كان (تويتر) موجوداً أيام الجهاد الأفغاني لفضح الكثيرين ممن يمارسون خداع المجتمع ومحاربة المخلصين تحت مسمى الدين، ها هو سيناريو الجهاد الأفغاني يعيد نفسه في أحداث سوريا وفيما يحدث في تركيا، ها هي الأحداث تتكرر بدءاً من مهاجمة المنادين بعدم منع دخول هاتف الكاميرا وانتهاءً بتسمية المنادين بالالتفاف حول ولي الأمر بالجامية، يبدع التيار الإخواني بشقيه (المعلن والخفي) في القدرة على التحكم بالفكر الجمعي وتسويق تصنيفات محقرة لمنافسيهم ومحاصرتهم داخلها حتى يخلصوا منمهتهم السياسية المغلفة بالدين، لم يستطع أي فرد أو حزب من هزيمة هؤلاء في أي حرب إعلامية كونهم يملكون الخبرة الكافية في غسيل مخ المجتمع، لدرجة أنهم يخلقون أسماء تيارات ضد الدين لتصنيف من يقف ضدهم فيها وإقناع المجتمع في ذلك حتى يقتنع الفرد أن هناك فعلاً تنظيماً بهذا المسمى ضد الدين يملك مقراً وموظفين وملفات وأجندة وتوقيع حضور وانصراف، نجحوا في حربهم ضد الإعلاميين السعوديين وحصرهم في مسمى ليبراليين حتى أصبح هناك من المواطنين يرى الإعلامي السعودي عدواً له دون أن يعرف هذا المواطن ما هي الليبرالية وما هو دور الإعلام، حتى أن الإعلاميين الذين انتصروا في إثبات صدق وجهة نظرهم بالجهاد الأفغاني لا زال المجتمع يصنفهم بالليبراليين وينفر منهم، رغم أنه لا توجد أي ورقة تثبت انتماء أي إعلامي سعودي لما يسمى بالتيار الليبرالي وتوجد آلاف الأوراق والمستندات التي تثبت انتماء من يهاجمونهم للحزب الإخواني وغيره من الأحزاب الدينية، نجح الحزب الإخواني في إيهام المجتمع السعودي وحتى منافسيه من الأحزاب الدينية الأخرى في صنع جرائم وهمية ومخاطر مصنوعة لإلصاقها بالإعلاميين للتخلص منهم بسهولة مثل جريمة زيارة السفارات، مع أن جميع سفارات العالم في جميع الدول تقيم مناسبات مختلفة وتدعو الإعلاميين وغيرهم بشكل مكشوف تحت أنظار الجميع، ولا توجد هذه التهمة في أي دولة أخرى يذهب إعلاميوها لحضور مناسبات سفارات الدول الأخرى، كما أن السفارات ليست غبية لتستخدم من تدعوهم لمناسباتها بشكل مكشوف وعلني، بل تستخدم من لا تدعوهم ولا تظهر علاقاتها بهم لا من بعيد ولا قريب!