بعد كل حادثة من حوادث الإرهاب التي تستهدف مجتمعنا نستمع ونقرأ لعدد من المنظِّرين الذين يسارعون لاتهام مناهجنا وخطابنا الديني!! فهم يجدون راحة تامة في توجيه الاتهامات دون أي دليل علمي على ما يدعون!! ومن عجيب الأحكام الجزافية ما قاله أحد الكتاب من أن في كل بيت سعودي يوجد شخص داعشي! هذا بالتأكيد كلام يلقى على عواهنه، فلا يمكن أن يتهم مجتمع بكامله بهذه الاتهام الخطير الذي بني على وجهة نظر خاطئة لا يصدقها الواقع الذي نعشيه! بل إن مثل هذا الاتهام هو أولاً تعظيم لدور داعش وأنها استطاعت أن تدخل بيوتنا، وهذا غير صحيح! وثانياً يوجه البوصلة لغير الاتجاه الصحيح، فمهما كانت أعداد من نفذوا عمليات إجرامية أو أولئك الذين انضموا لداعش لا يعطي المجال للجزم بمثل هذا الحكم غير الواقعي! فالمنظرون يعممون أحكامهم وهم يعرفون أن الذين استمعوا للخطاب الديني ودرسوا المناهج نفسها تعدادهم بالملايين بينما الأعمال الإرهابية تعد على الأصابع بفضل من الله!! ويتعامون عن حقيقة مهمة وهي لو أن اتهاماتهم صحيحة لكانت الجرائم الإرهابية بأعداد تناسب حجم التحريض الذي يدعونه!! هؤلاء بأفكارهم المظللة يرتكبون خطأً فادحاً لأنهم يتركون المتهم الحقيقي والمسؤول الرئيس عن تنفيذ الأعمال الإرهابية في العالم وليس في المملكة ويتهمون غيره! بمعنى يتهموننا نحن كمجتمع بكل مؤسساتنا التعليمية والدينية والرسمية بأننا أصبحنا تحت تأثير داعش، وهذا أمر عجيب! إن من يجب أن يشار إليه بأصابع الاتهام هو تلك المنظمة ومن خلفها وأولئك المستفيدون من أعمالها الإرهابية!! هذه المنظمة الشريرة التي تؤلب المجتمع وتنشر القتل والجريمة التي لم تسبقها إليها أشرس منظمات الإجرام العالمي! وهي تقوم بتجنيد الشباب ليس من المملكة فقط، بل من كل الجنسيات عبر وسائل التواصل الاجتماعي وليس عبر خطب مساجدنا ولا مناهجنا الدراسية، فما تتضمنه الخطب أو المناهج أجزم بأنه يزعج مسؤوليها! ألا يعلم أولئك المنظّرون أن عدد الشباب الأجانب المنظمين إلى تلك المنظمة يزيد عددهم عن (12) ألف من مختلف الجنسيات! ما علاقة المناهج أو الخطاب الديني في دولهم لتجنيدهم! لقد كانت داعش قادرة على استثمار وسائل التواصل الاجتماعي بكفاءة عالية مستغلة الأحداث المؤلمة التي يتعرض لها عالمنا العربي والإسلامي!
مناهجنا أيها السادة وخاصة الدينية منها مستمدة من دستورنا وهو القرآن الذي يوصي بالوالدين إحساناً، وتؤكد أن من قتل نفساً فكأنما قتل الناس جميعاً! مناهجنا وخطابنا الديني نعرف جيداً بأنها لا توصي بالقتل ولا بالتفجير والإرهاب، وخطابنا الديني يندد في كل وقت بالأعمال الإرهابية ليس ما يحدث منها في المملكة بل في أي دولة!! وإذا كان يوجد بعض الدعاة الذين حرضوا الشباب على القتال في زمن سابق، فهؤلاء قلة ولا يمكن أن يكونوا هم الخطاب الديني، والدولة رفضت تحريضهم وكذلك المجتمع بكل فئاته!
أسباب هذه المشكلة ليست داخلية، فكل الآباء يقولون إن أبناءهم تلقوا أحسن تربية وأنهم كانوا على خلق ومسالمين! إذاً لنترك ما يقوله بعض المنظّرين ولنبحث على كل المستويات الرسمية والأكاديمية ونطرح السؤال الكبير: كيف تقنع داعش عشرات الشباب بالانضمام إليها ولن أقول المئات؟ مخترقة أسوار البيت والمدرسة والجامعة والمسجد والتي كلها ترفض الإرهاب بكل أشكاله!