لأول مرة في تاريخ المملكة العربية السعودية تكون هنالك رؤية وطنية تنموية شاملة معلنة للجميع، وتكون برامجها وخطوات تحقيق أهدافها ونتائج العمل عليها مطروحة في متناول الجميع بلا استثناء، وأيضًا فتح باب المشاركة بالرأي للجميع، نعم فهذا الأمر يبعث للفخر والاعتزاز.
ومن الجلي وضوحه أن أمير هذه الرؤية تنبأ للإشكالات الاقتصادية والإدارية التي كانت قريبة من الظهور على السطح فأتت هذه الرؤية في الوقت المناسب لتنتقل بالوطن إلى اقتصاد سليم متنوع ومتكامل في ظل رؤية وطنية مشتركة، يقول السيد - نك روكوسو وهو من أصل فنلندي عمل فترة من الزمن رئيسًا تنفيذيًا في المملكة، إن إحدى العقبات التي تعيق النمو وتسبب فشل الأعمال في المملكة هي انعدام وجود رؤية مشتركة.
واستغل فرصة أن سمو الأمير محمد بن سلمان فتح باب المشاركة بالرأي لأوجز بعض النقاط وهي:
1 - تحويل رأس المال النفطي إلى رأس مال استثماري: هذه الخطوة أثلجت الصدر بالرغم من أنها أتت متأخرة ولكن أن تصل متأخرًا خير من ألا تصل أبدًا، فتحويل الإيرادات النفطية وهي الثروة الوطنية الاقتصادية الرئيسة، إلى رأس مال استثماري منتج ويخلق موارد اقتصاديه استثمارية متنوعة ومنتجة ومعتمدة على تدوير وتعظيم الاستفادة من رأس المال هي خطوة ضرورية لتنويع مصادر الدخل والاستدامة التدفقات النقدية لخزينة الدولة ولضمان استمرار الأمان والرفاهية الاقتصادية لهذا الجيل والأجيال القادمة.
وفي هذا السياق تجدر الإشارة إلى أن صندوق الاستثمارات العامة الضخم في حجمه المالي هو في الحقيقة يحتاج إلى إدارة احترافية، حيث إن هذا الصندوق سيخلق كمية طلب عالية على الاستثمارات الأجنبية المستهدفة مما قد يسهم في رفع القيمة السوقية لهذه الفرصة الاستثمارية وبالتالي يكون العائد الربحي على الصندوق قليلاً ولا يصل للمأمول، وربما تكون إحدى الاستراتيجيات لمعالجه هذا الأمر هي أن تكون الاستثمارات عن طرق الشراكة الاستثمارية مع الجهات الاستثمارية الأجنبية وعدم تفرّد الصندوق في تملك الاستثمارات وأيضًا استهداف استثمارات متنوعة في دول مختلفة مما سيسهم في تقليل المخاطر المحتملة من عدة جوانب على هذا الصندوق.
2 - الصناعات العسكرية: فمن أهداف الرؤية رفع إنتاج الصناعات العسكرية الوطنية من 2 في المائة إلى 50 في المائة وهذا أمر لا بد منه لتعزيز مكانة وقوة المملكة بين دول العالم ولتقليل المخاطر الآنية والمستقبلية، ومن الضروري أن يكون هدف الارتقاء بالبنية العسكرية هدفًا وطنيًا استراتيجيًا (دستوريًا) لا حياد عنه، بل يجب أن نصل إلى مرحلة الإبداع والاختراع والتطوير وليس فقط الصناعة العسكرية التقليدية، فاليوم كما أن العالم يتسابق في المجالات التقنية والاقتصادية فإنه أيضًا يتسابق في التقدم والتطور في الصناعات العسكرية بوتيرة متسارعة.
3 - استغلال مناطق القوة واستدامة الرؤية:
أثبتت عديد من الدراسات أن التركيز والتعزيز لمناطق القوة من شأنه تحقيق النجاح المنشودة وسد ثغرات مناطق الضعف بدلاً من التركيز على الأخير، سواء على صعيد تطوير الذات أو على صعيد العلاقات الإنسانية أو على الصعيد الاقتصادي أو غيرها من مجالات الحياة، وهذا ما يحسنه القائد الناجح، فجميل أن يركز الوطن على مجالات القوة ويعززها ويعظم الاستفادة القصوى منها، وتجدر الإشارة إلى أن استدامة الرؤية والتخطيط مطلب لاستمرار النجاح وهذا ما ألمح له الأمير محمد بن سلمان من أنه يجب استغلال مناطق القوة لـ2030 (ومن ثم الانطلاق إلى مرحلة أخرى).
فشكرًا لأمير هذه الرؤية على ما يجده الوطن من رؤية حكيمة وإبداع في التخطيط وإتقان للتنفيذ، في إطار عالٍ من الشفافية غير مستغربة على قيادتنا الحكيمة من أجل الوصول إلى التنمية والرفاهية الاقتصادية المستدامة لهذا الوطن الغالي.
وفي النهاية يبقى (العمل). يقول تعالى: {وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ}.