د. محمد عبدالله الخازم
أسست جامعة الطائف قبل أكثر من عشر سنوات، بعد أن كانت فرعًا لجامعة أم القرى وقبلها جامعة الملك عبدالعزيز. وخلال عقد من الزمان لم تستطع تكوين هوية مستقلة وبارزة لها، رغم وجود مقومات بيئية وإدارية مناسبة لذلك. مع تعيين مدير جديد للجامعة، أجدها فرصة لبث بعض الرسائل المتعلقة بها، متفائلاً بأن تغيير قيادة الجامعة ربما يساعدها على تقديم نفسها بصورة جديدة تحمل هوية منفردة بها.
جامعة الطائف تقع في مدينة متوسطة الحجم تتميز بتاريخ عريق ومقومات متعددة تجعل منها بيئة خصبة لتميز الجامعة. أول المقومات هو الموقع الجغرافي والإداري ضمن منطقة مكة المكرمة وبالقرب من الحرمين الشريفين، والتنوع البيئي باعتبارها تحوي بيئة صحراوية وجبلية وساحلية في نفس الوقت. إضافة إلى ذلك فهي المنطقة التي تحوي تنوع في الجانب السكاني حيث يوجد بها السكان البدو والحضر وأهل القبائل وغير ذلك. هذا التَّميز أو التنوع لم تستوعبه الجامعة في السابق بالشكل الأمثل، مما أبقاها منكفأة على ذاتها تفتقد الفاعلية في مجتمعها. أو بعبارة أخرى؛ هي أثرت موقف المحايد المتردد في القيام بما يجب عليه القيام به. لذلك أراه مهمًا للجامعة التعرف على بيئتها وكيف تصبح جامعة ذات مبادرة وتأثير وحضور يقود للتغير والتطوير والتنوير في المنطقة وليس مجرد فصول للتعليم الجامعي.
جامعة الطائف عبارة عن إرث من جامعتي الملك عبدالعزيز وأم القرى، وللأسف فإنها ما زلت متأثرة بالفكر والطريقة للجامعتين، ولم تستطع تكوين هوية خاصة بها مختلفة ومتميزة، سواء من ناحية التنظيمات الإدارية أو بيئة العمل. للأسف ليست جامعة الطائف وحدها تعاني من ذلك، وهو أمر يمكن تبريره في بدايات التأسيس، ولكن بعد عشر سنوات يفترض أن نرى هوية متفردة لجامعة الطائف. هناك حاجة لإعادة هيكلة الجامعة وتطوير أدائها بعيدًا عن النسخ والتقليد لجامعات الجوار. نريد أن يأتي اليوم الذي فيه نقول؛ لقد شبت جامعة الطائف عن الطوق وخرجت من جلباب الجامعتين الأم لها!
أخيرًا؛ جامعة الطائف بحاجة إلى فكر إداري اقتصادي وليس مجرد أكاديمي، فوفق التوجهات الحديثة للدولة يجب أن يكون للجامعة هياكلها الاستثمارية والوقفية وأن تبحث عقد شراكات اقتصادية مجتمعية تتيح لها الحصول على موارد إضافية ذات قيمة اقتصادية مناسبة. الطائف منطقة بكر وفيها كثير من فرص العمل - لا تتسع المساحة التوسع في أمثلتها- التي يمكن للجامعة الدخول فيها والاستفادة منها.
تلك أفكار، أطرحها عن جامعة الطائف وتنطبق على غيرها. لدينا الأمل بأن نرى صناعة نموذج متميز - ومنها الطائف- للجامعات السعودية الحديثة بهويات مختلفة، بعيدًا عن استمرار النسخ للنماذج التقليدية في بلادنا.