إبراهيم عبدالله العمار
نعم، لا تستهن بأحلامك! المخ لا يعبث دائماً عندما يجعلك ترى أحلاماً عشوائية غريبة، بل أحياناً يريد عقلك اللاواعي أن يرسل لك رسالة. هل ستفهمها؟ الكثير تفوتهم الرسالة، لكن البعض يلتقطها بحماس ويجري بها، منهم أوتو، وخذ قصته الظريفة.
عام 1921م، صحا العالِم النمساوي أوتو لوي من نومه فجأة بعد أن حلم حلماً عجيباً. الأحلام تبدو عشوائية غير مفهومة ولا معنى لها في الغالب لكن هذا الحلم مختلف، ورأى لوي أنه ذو معنى. كان الحلم متعلقاً بالمجال العلمي الذي يعمل فيه لوي، وهو علم المخ والأعصاب، فالتقط العالم كراسته ودوَّن ملاحظات مشتتة مبعثرة استقاها من هذا الحلم العلمي، و قبل أن ينام مرة أخرى سطع في عقله اكتشاف، لكن لسوء حظه غلبه النوم أثناءها! لما استيقظ لوي رأى الملاحظات. «ما هذه؟ ماذا تعني؟»، حاول أن يفهمها فعجز، ثم تذكر أنه ظهر في عقله فكرة لامعة، ما هي يا ترى؟ لا يتذكر! لا بد أن الملاحظات تحوي مفتاح هذا اللغز. جلس يحاول ساعات وساعات بمشقة أن يفهم معنى ملاحظاته أو أن يتذكر الاكتشاف لكن فشلت محاولاته. أصابه إحباط عظيم، فقد كان يحاول حل بعض معضلات هذا المجال العلمي منذ زمن، ورأى أن هذه الفكرة الغامضة هي التي ستكون النصر الكبير. حزن واغتمّ، وقال «هذا أسوأ يوم في حياتي العلمية».
لكن الليلة التالية حصل شئ غريب: تكرر الحلم! هذه المرة هبّ لوي من نومه، ولم يكتفِ بالكتابة هذه المرة بل ارتدى حُلّته وذهب للمعمل...في الساعة الثالثة صباحاً! وأخذ يعمل ويعمل ويعمل. ما أتى زملاؤه في العمل إلا وقد انتهى لوي من تجاربه، ولما رأوها اندهشوا أجمعين: إنه فَتحٌ علمي! قال أحدهم: «هذه التجارب ستجعل جائزة نوبل من نصيبك!»، ويا له من توقع صائب. تجربة لوي التي وُلدت بين النوم واليقظة أثبتت أن الإشارات العصبية ينقلها الجسم بطريقة كيميائية، وهذا ما حدا به أن يعكف على التجارب والبحوث حتى نال جائزة نوبل في الطب عام 1936م.
لا تهوّن دائماً من شأن أحلامك وإن بدت غير مفهومة. دقق فيها.. هل يحاول مخك أن يخبرك شيئاً؟ هل تقدر أن تربط بين أشياء تبدو عشوائية وبين مشاكل تمر بها وتحاول حلها؟ هل يسعى مخك أن يوصلك للحل؟ هذا محتمل، وربما يحصل لك ما حصل مع لوي وحلمه. إنه - بمعنى الكلمة - حلمٌ تَحقّق!