د.ثريا العريض
كان متوقعاً أنّ الأوضاع المضطربة في دول الجوار العربي, والاستنفار المتصاعد في دول الغرب ضد تدفق اللاجئين والإجرام الإرهابي, وما تبع ذلك من التحسس لكل من يبدو شكله غير أوروبي, بالإضافة إلى تحذير حكومات الخليج لمواطنيها بتجنُّب مواقع الاضطرابات في الوجهات السياحية المعتادة, سيشجع الكثيرين على اتخاذ قرار البقاء في الوطن هذا الصيف.
وواضح أن الكثيرين ممن لم يغادروا الوطن عوّضوا بمتع جديدة. الجموع التي حضرت المهرجانات والنشاطات الصيفية، سعدت بكل ما فاجأها من مستجدات الترفيه ثقافياً وعائلياً, رغم أنّ إرهاصات التغيرات الجديدة المبهجة كانت موجودة في تكهنات المتفائلين بقدومها منذ أعلنت رؤية التحول 2030.
لم أستطع مع الأسف الاستجابة للدعوة الكريمة لحضور مهرجان عكاظ العاشر. ويبدو مما تناقلته الأخبار, ووصلني بشهادات عيان مباشرة من الزملاء والزميلات الذين حضروا حفل الافتتاح, وعايشوا فيه أجواءً ثقافية تواكب الزمن وتستعيد فروسية الماضي وأصالته, أنه كان فعلاً احتفالية رائعة. وسعدت عن بعد بحوار الشباب في جامعة الطائف مع سمو الأمير خالد الفيصل , ومعالي وزير الثقافة والإعلام. ومن التفاصيل التي وصلتني أجد فرقاً كبيراً عما عايشته شخصياً حين شاركت في المهرجان الثاني بإلقاء شعري. كان لا يزال يحبو فأصبح اليوم فعلاً فروسياً يستحق الاحتفاء والفخر.
في كل المناطق من ساحل البحر الأحمر إلى ساحل الخليج تواصلت البرامج بتصاعد جميل. ونقلت الصور التي ملأت تويتر نشاطات الموسم في كل الوطن, فمن فعاليات «المفتاحة» إلى شارع الفن في أبها نقلت بعض ابتهاج الموسم في عسير جنوباً, وفعاليات جدة والرياض والدمام والإحساء وتبوك وحائل وبرامجها الثقافية والترفيهية شمالاً وغرباً وشرقاً.
جانب إثراء مجالات الترفيه الذي أشارت إليه رؤية التحول، بدأ يتجسّد بتعاون هيئة السياحة والتراث ووزارة الثقافة والإعلام وإمارات المناطق. والحمد لله التوقعات تشير إلى المزيد من الانفراج وإتاحة مجالات الترفيه الراقي. ولنا أن نرفع سقف توقعاتنا مع إعلان إقرار المجمع الملكي للثقافة والفنون الذي سيكون متعدد الاهتمامات ليشمل كل جوانب الفنون والثقافة.
يتزامن هذا مع إجراءات واضحة لمنع الترفيه المنحرف كتجريم ممارسة تهور التفحيط الذي فرضت عليه عقوبات متضاعفة تردعه وتوقف أخطاره.
واضح أنّ هناك جهوداً متكاتفة لتنشيط السياحة الثقافية، ليس فقط للمواطنين، بل للزائرين أيضاً خاصة من هيئة السياحة والتراث, بالإضافة إلى ما نتوقعه من برامج حافلة على جبهة رعاية الشباب وللجنسين. وإذ نحتفي بتعيين الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان في موقعها الحيوي الجديد ونبارك لها المنصب، نتفاءل بما سيحمل المستقبل للنساء في هذا المجال.
والموسم لم ينته بعد ولكنها تحية مني لكل الذين بذلوا جهداً واضحاً ملموساً وحققوا رضى الحاضرين. وإذ نحتفل بالوطن لا ننسى أنّ كل هذا الأمن يحميه جنودنا المرابطين على حدود الوطن حماهم الله وأعادهم سالمين لتكتمل أسباب البهجة حقاً .. ويا مرحباً بالابتهاج المفتقد.