إعداد - وحدة الأبحاث والتقارير الاقتصادية بـ«الجزيرة»:
أقرت هيئة السوق المالية تعديلات جديدة على قواعد الاستثمار الأجنبي، تستهدف جذب وتحفيز رؤوس الأموال الأجنبية للدخول والاستثمار في سوق الأسهم السعودية .. واتجهت هذه القواعد هذه المرة لتقليص الصعوبات أو تنزيل الحدود الدنيا أو فتح آفاق وإعطاء تسهيلات إضافية لسهولة تدفق ومرور الاستثمارات الأجنبية.
وقد اشتملت التعديلات، على تخفيض الحد الأدنى المطلوب لقيمة الأصول التي تديرها المؤسسة طالبة التأهيل ليكون 3.75 مليار ريال أو أكثر بدلاً من 18.75 مليار ريال أو أكثر كما كان في القواعد القديمة.. إلا أن وحدة الأبحاث والتقارير بـ»الجزيرة» كانت تتطلع لو تم تخفيض هذا الحد الأدنى ليكون إلى ما يعادل 1 مليار ريال، فالحد الأدنى المعدل يوازي 1 مليار دولار، وهي قيمة مرتفعة .. ولابد أن نصارح بأن تخفيضها إلى مستوى 1 مليار ريال يمكن أن يكون حافزا لجذب رؤوس الأموال في حجم معين ومناسب.
كما نصت القواعد الجديدة، على توسعة وزيادة نطاق فئات المؤسسات المالية الأجنبية المؤهلة لتشمل الجهات الحكومية والمؤسسات التابعة للجهات الحكومية.. كما نصت كذلك على إلغاء مبدأ العميل الموافق عليه للمستثمر الأجنبي المؤهل.
ولكي ندرك مدى أهمية القواعد وما تسهم فيه من جذب واستقطاب لرؤوس الأموال للاستثمار في سوق الأسهم، لابد من مراجعة معدلات المساهمة الحالية للاستثمارات الأجنبية في سوق الأسهم السعودي، حيث يوضح الجدول (1) أن حجم تملك السعوديين في سوق الأسهم لا يزال هو الأساس بقيمة 1402 مليار ريال، وبنسبة مساهمة تبلغ 93.2%، وهو بالطبع يعد تحسنا، حيث أن نسبة مساهمة السعوديين كانت في بعض الفترات تتجاوز 98%.
أما قيمة تملك الخليجيين فقد وصلت إلى 38.5 مليار ريال، وهي قيمة متدنية ونعلق الجرس حول انخفاض قيمها حتى الآن.. أما قيمة تملك كافة الجنسيات الأجنبية من مقيمين وغير مقيمين، فتصل إلى 63.3 مليار ريال .. بنسبة مساهمة 4.2%، وهي تمثل زيادة عنها منذ عامين حيث كانت لا تزيد على 1.5%.
إلا إن، قيمة مشاركة الأجانب منذ الفتح الكامل للسوق أمام الاستثمار المباشر للأجانب لا تزال متدنية وأقل من التطلعات، أو ربما أقل من مستوى الإمكانيات الهائلة التي يمتلكها السوق السعودي.. فهذه القيمة التي يساهم بها الأجانب أفرادا ومؤسسات، متدنية مقارنة بحجم المساهمات والحصص الضخمة التي يمتلكها أفراد ومؤسسات سعودية.
وتفسر وحدة الأبحاث والتقارير بـ»الجزيرة» هذه المساهمة المتدنية للأجانب باستمرار قيود الاستثمار الأجنبي في قواعد هيئة السوق المالية، والتي لا تزال تطرح نفسها حتى في لائحة القواعد الجديدة للاستثمار الأجنبي .. والتي نلوم ونعاتب صياغتها صراحة تحت مسمى «قيود الاستثمار في المادة السادسة عشر»، وذلك للأسباب التالية:
البند الأول : «لا يجوز للمستثمر الأجنبي المؤهل تملك 10 % أو أكثر من أسهم أي مصدر تكون أسهمه مدرجة أو أدوات الدين القابلة للتحويل الخاصة بالمصدر»، ونرى أنه كان يمكن النص على السماح باستثمار نسب أعلى في الشركات العادية بالمملكة التي يمتلكها أفراد والتي لا تمتلك فيها الحكومة حصصا.. بمعنى، كان يمكن النص على السماح بتملك الأفراد نسب حتى 49% طالما هذه الأسهم تكون مصدرة لشركات لا تعمل في قطاعات حساسة للدولة، ولا تمتلك فيها الدولة حصصا مساهمة .. ولكن غلق الباب قد يعتبر قيدا مؤثرا على جذب رؤوس أموال في الحقيقة هي مشاركة في رؤوس الأموال السعودية المدرجة بالسوق.
البند الثاني : «لا يُسمح للمستثمرين الأجانب مجتمعين ( بجميع فئاتهم سواء المقيمين منهم أم غير المقيمين) تملك أكثر من 49% من أسهم أي مصدر تكون أسهمه مدرجة «..هذا النص أيضا يمكن أن يقيد من تدفق رؤوس الأموال في شركات بعينها، لأنه من المتوقع أن ينجذب الاستثمار الأجنبي لأسهم وشركات معينة لأي سبب كان، وبالتالي الحد من وصول النسبة إلى 49% سيقيد الاستثمار فيها، وخاصة أن هذه الاستثمارات قد تكون غير منظمة أو لا تعرف بعضها البعض، وربما تداولات وتملكها هذه الأسهم يسير عشوائيا.
الشاهد من القيود المنصوص عليها بالقواعد الجديدة، استمرار بعض المخاوف من تأثيرات المزاحمة أو الإحلال في الاستثمار بسوق الأسهم .. وينبغي ذكر أن تأثيرات المزاحمة والإحلال لو صدقت في الاستثمار بالقطاعات الإنتاجية والخدمية الحقيقية لا يمكن أن تصدق في الاستثمار في سوق الأسهم .. لأن غالبية هذه الاستثمارات ستتم بدون انتقال المستثمر أو حتى زيارته للمملكة، إنه يضخ أموالا في البيئة الافتراضية التي تمثل واقعا حقيقيا للمملكة، ولكنها تمثل بالنسبة له واقعا نظريا لاستثمار نظري .. فرغم أن السهم يولد حقوق ملكية لصاحبه، إلا إن نسبة 99% من المستثمرين بالبورصات لا يركزون أو يستهدفون هذه الملكية، بقدر ما يستهدفون التداول والمضاربة وتحقيق الربح النظري منها .. وسوف يستمر قطاع عريض من المستثمرين السعوديين هم الذين يستهدفون ربحية السهم والنظر والاهتمام بحقوق ملكيتها. لذلك، توصي وحدة الأبحاث بـ «الجزيرة» بمراجعة المادة السادسة عشرة، والسعي لتقليص قيود الاستثمار المنطوية عليها، وخاصة البند الأول الخاص بوضع سقف أعلى لقيمة تملك المستثمر الأجنبي عند 10% فقط.