رغم مرور سنوات على رحيل الدكتور غازي القصيبي إلا أن كتبه ما زالت مطلوبة وتصدر منها بين الحين والآخر طبعات جديدة.
من كتب غازي القصيبي رواية «سلمى» التي يقول في جزء منها:
تعبث أصابع العجوز بالراديو الجديد..
لا تريد الليلة أن تستمع إلى شيء يعكر صفوها..
يتوقف الراديو عند أغنية.. والعجوز تصحو
وتستيقظ بغتة، قفزت إلى قمة الصحو..
كان الراديو يقدم لعشاق الطرب الأصيل قصيدة من نظم أمير الشعراء أحمد شوقي وغناء كوكب الشرق أم كلثوم، ابتسمت العجوز، اتسعت ابتسامتها وهي تعود بذاكرتها إلى الوراء،
إلى أمير الشعراء.
كانت ليلة رائعة لا تتكرر، ليلة خالدة من ليالي العمر.
كان أحمد شوقي يقيم حفلاً كبيراً في قصره الصغير، في قمة السعادة، لم يكن قد مر سوى شهر واحد على تنصيبه أميراً للشعراء، وكان يقيم احتفاله الخاص بهذه المناسبة في ليلة حضرها أصدقاؤه من علية القوم، ومن نجوم الفن والمسرح ولم يحضرها أحد من الشعراء.
إلا أن قصة سلمى مع تلك الليلة التاريخية بدأت قبل أن تضاء الأنوار في حديقة القصر وشرفاته.
كانت سلمى أيامها في أوج علاقتها الغريبة بأحمد شوقي وبمحمد عبدالوهاب.
كان شوقي يعشقها دون أن يعرف عبدالوهاب شيئا من عشقه
وكان عبدالوهاب يهيم بها دون أن يعرف شوقي شيئاً عن هيامه، وكانت سلمى حريصة على أن تُبقى كلا من العاشقين متعلقاً بها، دون أن يبادل أحدا منهم مشاعره، ودون أن تتصرف على نحو يمكن أن يفضح سر المثلث الغريب.
كان إخفاء السر لا يخلو من صعوبة، كان عبدالوهاب يسكن في قصر شوقي بصفة شبه دائمة، ليلاً ونهاراً، وكان كثيراً ما يصحبه في تنقلاته. مع شوقي كانت سلمى تتحدث عن الشعر، وكان مأخوذاً بالفتاة الحسناء التي تحفظ الكثير من شعره، أما مع عبدالوهاب فكانت لا تتحدث إلا عن الفن.