تم استحداث منصب «وكيل الرئيس للقسم النسائي» لأول مرة لامرأة في تاريخ السعودية وللأميرة ريما بنت بندر تحديداً، وذلك من شأنه أن يكون بادرة جيدة لمستقبل واعد في الرياضة النسائية وتحسين وضع المرأة بالسعودية بالعموم. الخبر جميل والأجمل هو الشعور الذي يدفعني للتفاؤل عند إلقاء نظرة بسيطة على إنجازات الأميرة ريما خلال السنوات القليلة الفائتة، ويمنحني اليقين أنها المرأة المناسبة في المكان والوقت المناسبين. نلمس جهدها الواضح في إبراز صورة إيجابية عن المرأة السعودية من خلال مشاركتها في العديد من المحافل الإقليمية والدولية. ولأنّ قلبها على بنات بلدها، فقد بادرت في تنفيذ القوانين التي تصب في صالح المرأة وتحسن حالها اقتصادياً، فاتجهت لتوظيف العديد من السعوديات اليافعات في محلات بيع التجزئة، ودراسة المصاعب التي من شأنها أن تعيق الموظفات من أداء عملهن، ومنها وسائل النقل فقدمت بدائل وحلولاً. وقامت بالاستثمار في تعليمهن مفاهيم مهنية وتدريبهن لاكتساب مهارات التعامل مع العملاء، حيث إن معظمهن يدخلن ساحة العمل للمرة الأولى. ولأنّ عمل الأم في تربية الأطفال وصناعة الإنسان يفوق بأهميته أي عمل كان، قامت بإنشاء دار حضانة للأمهات العاملات. وفي تاريخ 12-12-2015 أطلقت الأميرة ريما حدث 10KSA كمناسبة تاريخية تتمثل بتحطيم الرقم القياسي والدخول موسوعة غينيس، لتكوين أول شريط بشري نسائي يضم أكثر من 8 آلاف امرأة مرتديات طرحاً بلون موحّد وردي زاهٍ، والهدف هو زيادة الوعي الصحي وتعزيز المفهوم الشمولي للصحة وممارسات الرعاية الصحية الوقائية ومحاربة سرطان الثدي. كل ذلك يجعلنا نلاحظ الشخصية القيادية، وحجم الإصرار والرغبة بالتغيير للأفضل الذي تتمتع به الأميرة ريما وبذلك يكون هذا المنصب المناسب لها.
وهنا يأتي السؤال: لماذا رياضة النساء في هذه المرحلة بالذات تعتبر حاجة ملحّة وضرورة وليست رفاهية؟
الأرقام تشير إلى أن وضع المرأة الصحي بالسعودية متدهور، ولا يوجد وعي كافٍ لنصل لمرحلة الوقاية التي تسبق العلاج، وحتى لو تواجد الوعي وأرادت المرأة أن تمارس الرياضة بشكل يومي منتظم نجدها تصطدم بالحواجز الاجتماعية، ولو أدارت ظهرها لهذه الحواجز سنجد الإحباط يغلب عليها لقلة المرافق والنوادي الرياضية للنساء، وندرة وجودها الذي يتسبب بغلاء أسعارها فتتقاعس بالاشتراك وتفتقد رغبتها بالقيام حتى بالحركة. أما النوادي الرياضية النسائية فهذا موال آخر ويحتاج إلى جهود تنظيمية كبيرة، لأنها تعيش في تخبط وعشوائية، وهي نتاج جهود فردية دون وجود معايير وقوانين تحدد ماهيتها، ونوعية المعدات الرياضية بداخلها ومهارة المدربات وما إلى ذلك. وتنقسم النوادي إلى نوعين: إما أنها مترفة وتصل أسعارها لدرجة الغلاء الذي يحتم عليك أن تصرف نظر الاشتراك بها لأنها قد تخل بميزانيتك، أو تصدمك بواقعها المحبط والمشين من معدات مستخدمة غير آمنة، وانعدام نظافة ومدربات دون خبرة، والغرض يكون مادياً تجارياً أكثر من أنه وقائي صحي.
كثير من الفرص التي تصب في صالح المرأة والإنسان وتلوح بالأفق، وما تلبث أن تتلاشى ولا يتم استغلالها بالوجه المطلوب بحجج واهنة وسخيفة، منها أننا لسنا مستعدين للتغيير والوقت يمضي ويسرق من أعمارنا! وتارة ديننا لا يسمح على الرغم من عدم وجود نص شرعي يثبت صحة ذلك، بل على العكس نجد بالموروث الديني قصصاً عن صحابيات شاركن بالمعارك وبارزن بالسيوف وتفوقن برمي الرماح، وأخص بالذكر الصحابية الجليلة خولة بنت الأَزْوَر رضي الله عنها كانت فارسة فدائية. وأخيراً يتعللون بالعادات والتقاليد وخصوصية شعبنا، على الرغم من أنّ كل دول الخليج والدول المجاورة تشاركنا وحدة الدين والعادات والتقاليد، ولكنهم يتقدمون عنا في مجال الرياضة النسائية أو على الأقل توفر أماكن مخصصة للرياضة النسائية. للأسف بعض العادات البالية ما أنزل الله بها من سلطان وتناقض الدين، وجاء الدين خصيصاً ليخلصنا منها ويهذب من أخلاقنا ويعطينا الدافع لنحيا حياة كريمة، متعايشين مع بعضنا نجد الراحة والسلام الداخلي مع أنفسنا حتى نكون مطمئنين، ويحفزنا لخدمة الدين والوطن وعمار الأرض.
وفي خطوة متقدمة نتلهف لها هي وجود الرياضة النسائية بالمدارس، فتياتنا يستحققن منذ سن صغيرة ومن الطفولة أن يتمتعن بصحة جيدة ولياقة عالية، ويمنحهن الفرصة لاكتشاف مواهبهن، وما إذا كنّ شغوفات بممارسة الرياضة، وتمكنهن من المشاركة بمختلف أنواع الألعاب الرياضية. ويساهم ذلك بزيادة الوعي وتفعيل دور الوقاية الشمولية للمرأة، ويمنح للفتيات الرياضيات الدافع والسقف العالي بملاحقة أحلامهن الأكثر جموحاً وفرصة التدريب المكثف، ومن يدري لعل إحداهن تنال فرصة تحقيق الفوز على مستوى عالمي وشرف تقلدُّها ميدالية ذهبية أو حتى برونزية حول عنقها، من شأنه أن يرفع من سمعة بلدنا ورايته عالياً.
وأخيراً أهنئ من قلبي الأميرة ريما بنت بندر على هذا المنصب وواصلي وحنا معاكي.
- إيمان بنت سعد