«الجزيرة» - حمد الدريهم:
في تاريخ 3-3-2003م كان العدد الأول لـ«الجزيرة الثقافية»... أسماء رحلت... تغير في موعد الصدور الاثنين، الخميس، السبت.... مرت السنوات سريعة كغمضة عين وعندما نلقي نظرة بانورامية فاحصة سنجد أن «الجزيرة الثقافية» كانت شاهدة على تحولات كبرى في العالم العربي بدأت منذ الاحتلال الأمريكي للعراق إلى ما يسمى بالربيع العربي بلا شك كان لها الأثر في الثقافة العربية احتضنت «الجزيرة الثقافية» عديد من المقالات حول تلك التحولات لتصبح وثائق ثقافية وفكرية قرأت تلك التحولات في وقت حدوثها لتنضاف إلى المكتبة العربية..
مثقفون وأدباء كثر من أنحاء العالم العربي نُقشت أسماؤهم هنا في «الجزيرة الثقافية»؛ لذا استطيع القول بأن «الجزيرة الثقافية» بالنسبة لي كانت أشبه بالمجهر الأولي الذي من خلاله استطعت التعرف على بعض الأدباء العرب لا سيما الذين كُرّموا من خلال الإعداد الاحتفائية الخاصة أمثال: محمود درويش، حسن ظاظا، مصطفى محمود وغيرهم من الأدباء العرب الذين كانوا يبعثون بمشاركاتهم في المجلة عبر مكاتبها المنتشرة في العالم العربي أو من كان يبعثها شخصيًا إلى رئيس التحرير الدكتور إبراهيم التركي، كنت أقتنص تلك الأسماء في الذاكرة لأتعرف عليهم بتوسع من خلال أعمالهم فيما بعد.
دشّنت «الجزيرة الثقافية» مشروعًا رياديًا بتكريمها للأدباء والمثقفين الأحياء ممن كان لهم الأثر القوي في ثقافتنا ممن توارى عن الأنظار لتعرف الأجيال الجديدة تلك الأسماء أمثال: متقن الفارسية عبدالله البدلي والصحافي الريادي الأديب عبدالله الشباط وغيرهم.
كان التَّميز والجمال هي المعايير الحقيقية لـ«الجزيرة الثقافية» لاستقبال ونشر النصوص الإبداعية أو المقالات الفكرية؛ لذا أصبحت في متناول جميع التيارات والأطياف الفكرية والمهتمة بالأدب في بلادي فمعظم الأسماء نقشت اسمها هنا ولعلك أيها القارئ الكريم تضع في ذهنك اسمًا ثقافيًا في خانة بحث أرشيف أعداد «الجزيرة الثقافية» لتجد له مكانًا فيها وشخصيًا كنت أعمل هذه الطريقة إذا أردت قراءة مقالات أو إبداع اسم معين في بلادي؛ ليتأكَّد لي إنها النهر الجديد في جغرافية بلادنا الثقافية ارتوى منه كل من له علاقة بالثقافة أو الأدب.
بكل تأكيد، المتابع للصفحات الثقافية الفكرية لا سيما في عالمنا العربي يجد أنها لا تخلو من بعض الخلافات الفكرية كالخلافات بين «القديم» و«الجديد» أو حتى تلك الخلافات التي تحوّرت في صيغ أخرى وقوالب جديدة، أحسنت «الجزيرة الثقافية» في النأي عنها قدر الإمكان أو إدارتها باحترافية بحيث تثري القارئ المتابع لها تمامًا كما حصل في خلاف الرأي بين الفيلسوفة سهام القحطاني والاستاذ محمد الهويمل من جهة «أ» والدكتور خالد الرفاعي من جهة أخرى «ب» حول كتاب الغذامي: «الفقيه الفضائي».
أعتقد أن كل ما كتب أعلاه كفيل بأن تكون «الجزيرة الثقافية» ملائمة لأي شاب من شباب بلادي فهي بيئة مناسبة للعطاء والاطلاع لأنها من دون أدلجة أو صراعات فكرية عميقة قد تهوي به في الفئوية والتصنيف التي قد تغتال ذلك المثقف الشاب المتطلع للإبداع والعطاء الثقافي والفكري ليكون امتدادًا للأسماء الثقافية الفكرية أو الأدبية والثقافية التي خدمت ثقافة وطننا الغالي والعالم العربي بشكل عام.