د. عبدالرحمن الشلاش
جاءت قرارات مجلس الوزراء الموقر والمتعلقة بتعديل الرسوم على التأشيرات وعبور المسافرين ومغادرة الموانئ لتفرض واقعاً جديداً ومشرقاً على الصعيدين التنظيمي والاقتصادي. من حق أي دولة أن تقرر الرسوم التي تراها من أجل تعديل وضع غير سليم، أو البحث عن مصادر دخل جديدة أو فرض تنظيم يؤدي للقضاء على التزاحم ويوقف الهدر خاصة وأن المرافق وكافة البنى التحتية عرضة للتلف بسبب كثرة الاستخدام وبالتالي تحتاج لصيانة وإصلاح مستمر وهو الأمر الذي يستوجب الكثير من الأموال ومن غير المعقول ولا المنطق أن تتحمل ميزانية الدولة كل ذلك خاصة وأن لدى الحكومة الرشيدة التزامات كثيرة جدا داخليا وخارجيا، وجاء الوقت الذي لا بد أن تعيد فيه النظر في أوجه الصرف المختلفة خصوصا مع المتغيرات والمستجدات الإقليمية والدولية. ظلت الرسوم طيلة الأعوام الماضية زهيدة جدا بل وتتحمل الدولة مبالغ إضافية لكن دوام الحال من المحال والمصلحة حاليا تقتضي إعادة النظر في الرسوم على الخدمات الإضافية أي لأكثر من مرة، أو أكثر من المدة المحددة بالنظام لكل الوافدين والزائرين والعابرين وهي رسوم تدفع لمرة واحدة، وتراعي كثيراً كافة الاحتياجات فمن يريد خدمات أكثر عليه أن يدفع أكثر وهذه السياسة مطبقة في كل دول العالم، وكانت الحكومة السعودية متسامحة فيها إلى أبعد الحدود.
من يقرأ القرارات جيداً سيلاحظ أنها قد راعت جوانب كثيرة فأخذت مثلاً بمبدأ المجانية بالنسبة للقادمين للحج والعمرة لأول مرة انطلاقاً من استشعارها لدورها الإسلامي الرائد في مساعدة كافة المسلمين لأداء فريضة الحج ولكن من أدى الفريضة وأراد الزيادة غير المكلف بها من الله سبحانه وتعالى فعليه أن يتحمل التكاليف. كما أخذت القرارات في حسبانها مبدأ التدرج فعلى سبيل المثال بالنسبة لتأشيرة الدخول المتعدد حددت لستة أشهر 3000 ريال ثم لمدة سنة 5000 ريال ولمدة سنتين 8000 والهدف بطبيعة الحال أن يأخذ كل فرد ما يتناسب مع وضعه وإمكاناته، ولأن عدم التحديد سيؤدي إلى سوء استخدام لمثل هذه الخدمات المتاحة والحصول على مدد قد لا يحتاجها كما كان في السابق.
أيضا رسوم العابرين كانت 50 ريالاً وهي زهيدة جدا وخاصة لمن سيقضي مدة طويلة في رحلة عبوره ويستفيد من كل الخدمات والتسهيلات، وهنا مراعاة لوضع قائم وبات تصحيحه مطلباً حفاظاً على مقدرات الوطن من الاستنزاف غير المنظم.
لا بد أن تلقى مثل هذه القرارات ترحيباً من الجميع خاصة وأن فوائدها ستكون في النهاية في مصلحة المواطنين والوافدين على حد سواء.