علي الصحن
بدأت وزارة التجارة والاستثمار يوم الأحد الماضي (حملتها الرقابية على الأسواق والمحال التجارية لحماية شعارات الأندية الرياضية المسجلة لديها، وذلك تطبيقاً لنظام حماية العلامات التجارية ونظام مكافحة الغش التجاري وحفظا لحقوق الملكية الفكرية، وللحفاظ على أحد أهم مكتسبات الأندية، فيما أطلقت الجهتان حملة إعلامية لتوعية الجماهير بعنوان #ناديك_أولى وسط تعاون كبير من الأندية التي ستجد نفسها للمرة الأولى قادرة على حماية علاماتها وشعاراتها التجارية).
هنا لا بد أن نشد على يد وزارة التجارة والاستثمار والهيئة العامة للرياضة، ونقف معهما في هذه الحملة التي تسعى للحفاظ على حقوق الأندية، وحماية شعاراتها ومنتجاتها المختلفة من التقليد، والبيع بثمن بخس، لا يعود على الأندية بأي فائدة، ونشد على يد الأندية وهي تسعى للحفاظ على حقوقها، والعمل على ما يحقق زيادة إيراداتها المالية ورفع مستوى استثماراتها، بما يسهم في تغطية جزء من مصروفاتها الهائلة.
ولكن وفي نفس الطريق لابد أن نسأل الوزارة والهيئة والأندية وكل من له علاقة بالأمر هل هذه الحملة كافية للقضاء على المقلد المنتشر في السوق؟ وهل ملاحقة الباعة والموزعين وغيرهم كاف للقضاء على الظاهرة؟.. أعتقد أن الإجابة بالتأكيد ستكون لا، خاصة وأننا أمام واقع لابد من الاعتراف به، وهو صعوبة القضاء على المقلد والمغشوش في أسواق وسلع أهم من شعارات الأندية مثل المواد الاستهلاكية والصحية وقطع الغيار باستخداماتها المختلفة، والأدوات الكهربائية وما تحمله من مخاطر.
إذا أردنا القضاء على تقليد شعارات الأندية، علينا أن نقنع المستهلك أولا قبل أن نلاحق التاجر، عندما يقتنع المستهلك ويتجه من تلقاء نفسه للبحث عن المنتج الأصلي، سوف تبور تجارة المقلدين، وسيضطرون للكف عن صنيعهم والبحث عن نشاط آخر... السؤال: كيف نقنع المستهلك؟
إقناع المستهلك يتم عندما تقدم له الأندية منتجاتها وشعاراتها وخلافه بسعر معقول يكون مقدوراً عليه من المواطن العادي متوسط الدخل، لن نتوقع أن ولي أمر سوف يأخذ أبناءه للسوق من أجل أن يشتري لثلاثة منهم على الأقل قميص ناديهم المفضل بسعر يفوق الـ1200 ريال، هذه حقيقة يجب الاعتراف بها، القوة الشرائية عند الناس ليست واحدة، وهناك أولويات أمام ولي الأمر وعائل الأسرة تسبق مجرد ابتياع قميص نادي أبنائه المفضل.
ليس مطلوباً من الأندية أن تقدم منتجاتها بأثمان رخيصة، خاصة إذا كانت مصنوعة من مواد جيدة ومكلفة، المطلوب أن تقدم هذه المنتجات بدرجات مختلفة، الدرجة الأولى... الثانية... الثالثة، وهكذا حسب الجودة والمواد الداخلة في التصنيع... إلخ، وكل مستهلك يأخذ المنتج الذي يتناسب وقدراته الشرائية، وهذا الأمر معروف ومطبق سواء في الأندية العالمية، أوحتى في المنتجات المختلفة الموجودة في السوق السعودي... والأشمغة أقرب مثال!!
ثمة أمر آخر، كنت أتمنى أن تبدأ به وزارة التجارة والاستثمار قبل إطلاق حملتها الأخيرة، وينبثق من رسالة الوزارة التي تنص على: (تعزيز قدرات قطاعي التجارة والاستثمار، وحماية مصالح المستفيدين، عبر وضع سياسات وآليات تنفيذ فعالة، تسهم في تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة) وما تضمنته الفقرة الثالثة من مهام الوزارة (تنظيم وسائل التجارة الداخلية، والإشراف على الأسواق الداخلية وحمايتها من الاستغلال والاحتكار وضبط الأسعار... إلخ).. وهي الأسعار التي تباع بها منتجات الأندية وبالذات القمصان، والتي يرى كثيرون أنها أسعار مبالغ فيها للغاية، فهل راجعت الوزارة هذه الأسعار، وتأكدت أنها تتناسب مع التكاليف، ثم تحقيق هامش ربح مناسب وعادل لكل الأطراف المستفيدة منها؟ أم أنها تركت الأسعار بيد التجار، وما على المستهلك سوى التسليم بالأمر والوقوف أمام الواقع دون خيارات مناسبة؟
اتركوا السوبر للمحايدين
حضر مباراة السوبر بين الهلال والأهلي ما يقارب الـ17 ألف متفرج، ولو أقيمت المباراة في جدة -حيث ملعب بطل الدوري وكأس الملك- لحضرها 60 ألف متفرج على الأقل، ولأحدثت حراكاً سياحياً في المدينة الساحلية الفاتنة!!
صدرنا مباراة السوبر إلى لندن من أجل أن نعرض كرتنا ونقدم نجومنا هناك، لكن الحقيقة تقول: إننا لحقنا بها لنتابعها في مكان مختلف مما زاد التكاليف ورفع السعر أمام الجميع، وحصر حق الحضور على فئة معينة فقط!!
قلنا إن الانجليز سوف يعرفون كرتنا، غير أن ما ينقله الحاضرون من هناك وبعد سوبرين متتاليين أن الانجليز لم يعرفوا شيئاً عن المباراة، ولم يفكروا بحضورها، وأن التسويق للمباراة وتقديمها في الشارع اللندني ليس بالشكل المأمول الذي يخبر الناس أن سوبراً يجمع بين أفضل فريقين سعوديين يقام على أرضهم ويستحق اهتمامهم!!
دعك هنا من حديث اتحاد الكرة وتأكيده على نجاح فكرته فهو لا يملك إلا أن يقول ذلك، ولكن قارن بحسب خبراتك ومعرفتك بين العوائد المتحققة من إقامة السوبر في لندن، وما كان سيتحقق لو أقيم في جدة!!
إذا كان اتحاد الكرة جاداً في تقديم فوائد السوبر للشارع الرياضي، فليعهد الأمر إلى مكتب محاسبي قانوني يراجع حسابات المباراة، و قبل ذلك وقبل المباراة إلى مكتب دراسات جدوى اقتصادية يقدم أرقاما حقيقية للعوائد التي ستتحقق من إقامة المباراة في لندن وفي جدة وتقديم الخيار الأفضل والمحايد لاتحاد الكرة... فهل يفعلها أن يتركها للاتحاد الجديد الذي ينتظره الناس على أحر من الجمر.