د. خيرية السقاف
ما أصدره مجلس الوزراء برئاسة نائب خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله- الاثنين الماضي من قرارات تنظيمية توظّف رؤية المملكة للسنوات العشر القادمة, ومن ثم ما بعد, تأتي في مجراها الطبيعي مواكبة لتنظيم الدخل من جهة, وفي الأساس الأخذ بعجلة الاقتصاد نحو الاستقرار بمشاركة روافد مختلفة تعزِّز ثبات أصوله, وتنوّعها,..
ولئن جاءت في مجال المرور محددة لمسؤولية الأفراد نحو رفع المستوى الأدائي في الطريق بتحمّل الأفراد مسؤولية أخطائهم, وتحمي الآخرين من مغبة استهتار مستخدمي المركبات والطريق في آن, فإنها تأخذ بشكل فاعل نحو ضبط, وتقنين المسؤوليات للأفراد في هذا المجال, وتمزّق كساء التواكل, والاستهتار عن فئات بعينها «كالمفحطين», و»الهاربين» من الحوادث التي تقع منهم, و»المفرطين» في شأن الإبلاغ عن مركباتهم خارج الوطن عندما يقع عليها العطل, أو تتعرض للفقد فيحسبون تركها وعدم الإبلاغ عنها ليست مسؤولية وطنية, وفي هذا المنحى تنضبط مواجهة حوادث السرقات المقصودة بأهداف استخدام هذه العربات في جرائم الإرهاب كما ثبت للمسؤولين هذا..
تأتي هذه القرارات تحديداً الأخيرة ضابطة ومقننة وملزمة كل فرد بمسؤوليته..
من جهة أخرى في خانة التنمية ورؤيتها البعيدة, ومع الجهود الجبارة لهيئة السياحة فإن المملكة ستكون مرمى النظر للسياحة, وستفتح ذراعيها للوافدين كأي دولة لديها ما يُزار من حضارة, ومواقع, بل هي السوق الكبرى للاستثمار, والتبادل التجاري, والاقتصادي المالي, والعقاري,
بل الديني الأساس لموقعها أرضاً للحرمين, ولأداء مشاعر أركان الإسلام عمرةً وحجاً وزيارة المسجدين والصلاة فيهما..
وتأتي مناسبة جداً قرارات رسوم دخول المملكة, والمرور بمنافذها, والوفادة لمدنها, والتبادل العملي معها, مثل أي دولة نقوم بزيارتها فتقنن لنا رسوماً كي نتمكَّن من دخولها, وضرائب ندفعها لمقتنياتنا من مرافقها..!
زمن طويل وهذه البلاد بين جميع بلدان العالم يسيرة التعامل مع الوافدين, والمقيمين,
كذلك غير مكلفة للأفراد المواطنين بوضعهم في مجرى المشاركة الوطنية بشكل مُلزِم فلا ضرائب على الغذاء والدواء, ولا الملابس, والأثاث وبقية المقتنيات..
فإن وضعت رسوماً على المخالفات فتلك الضوابط للسلوك, وتلك الحدود للمسؤولية..
فمع كل التحولات المنظورة، ومع السعي لدعم الرؤية الاستشرافية في ضوء توحّد مصدر الدخل, فالرغبة في تعدديته, وبث روح الشراكة الشاملة جاءت قرارات مجلس الوزراء مواكبة للتطلع من جهة, لكنها منظمة بالدرجة الأولى لسلوك الأفراد من جهة أكثر أهمية, فمن لا يخطئ لن يدفع, ومن لا يستهتر سيكون في حل من العقوبة سواء المادية, أو الذاتية..
فكل القرارات تصب في جداول أهدافها في كفة, والقرارات التي تصب في جانب المرور في الكفة الأخرى, لعل الأفراد أن يدركوا أهمية الطريق, وأن هذا الطريق بمنعطفاته مسؤوليتهم الأولى طالما تقف جوار أسوار بيوتهم لكل فرد عربة, إذن فكل واحد مسؤول عن نفسه, بائع المركبة, وقاطع الإشارة, و»المفحط» _تحديداً_, والمخالف نظام السير, والمعرِّض أرواح الناس وروحه للهلاك عليه قبل أن يفض جيبه ليدفع, أن يبث في قلبه, وعقله الوعي بالمسؤولية.
ويتحمّل كل مفرط نتائج الحوادث التي تقع منه, والإزعاج الصادر من مركبته, بل الاستهتار الذي يتعامل به معها.
وفَّق الله الجميع لوطن خصب بأهدافه, أخضر بثماره, يافع بالثقة في رغبة الجميع لنمائه, وتطوره, وإسعاده.