رمضان جريدي العنزي
أيها الشهيد.. هناك من رحلوا عنا وما رحلت، مثل بدر ما غبت عنا وما أستدرت، يارحيق البنفسج، يا ضوء قنديل ماخبأ، يا ذيب أوجع اللص الذي أضاع الطريق، ننام ولا تنام، نجلس وأنت في وضع المقام، وسائدنا حرير، ووسادتك من حجر، يا حارس الحد، يا السد المنيع، يا فارع كالشجر، يا مصباح ظلام، يا ناثر اللقاح في موسم اللقاح، يا الذي كان يقظاً، وبيده سلاح، يا رائحة الأرض، وجذر العشب، يا أيها العابر إلى الجنان، بفعلك تستحق بريق الخطاب، وسحر النصوص، وقول القصيد، يا ألقاً لن يخبو، وضوء سخاء، صوتك معنا لن يصدأ، ولن يهدأ، سيظل ينادمنا، ستظل بذاكرتنا صبابة وجد، وأيقونة فرح، ومشعل فوز، وفنارة لا تنطفئ، ستبقى توت، وقنديل بالدمع يضاء، المهرجون يستعرضون فنون التهريج، وأنت مع صوت الرصاص تناضل، المحبطون في الكلام يتهامسون، وأنت مع صوت المدافع تقاتل، الهائمون في غيهم ينظرون، وأنت في مواجهة العدو تقاوم، المهايطون تجاوزا حدود الهياط، وأنت بفعلك تهاجم، يا حارس الفج العميق، ما وهن العظم منك، ما عرفت الفزع، وما أوجست خيفة من الدروب، كنت في الحرب الخبر، وكنت في السلم المبتدأ، توشحت بالشجاعة، وغيرك برداء المهانة توشح، أيها الشهيد .. من يتخذ الشجاعة كنفاً، لا يزيده الموت إلا وسامة، أتعبت المحن، حتى أوصدت أبواب المحن، أنهكت العباب، دون أن تعرف معنى الهوادة، بارقة تهل، وصاعقة في السحاب، مثل الرعد أنت تهدي التائهين بليل غاب، مطر ينث، يشعل قصيد الشعراء، لؤلؤ مكنون أنت، مثل بحر لك جزر ومد، حبل من مسد على العدو كنت، وذئب ما خشى يوماً صوت النباح، ولا فحيح الأفاعي، لا نقيق الضفادع، ولا صوت الغراب، حفرت للعدو اللحود، وصنت الحدود، وطردت الغواة البغاة، وغيرك في السرير له شخير، وإذا ما صحى غدى مع غانيات القصيد غرام، يحلم بشمس مبللة، ورائحة عشب هوجاء، وشمعة مضاءة، وغانية حسناء، وأنت عن كرنفالات الضحك أصم، تلعب مع صوت المدافع، وتجلس على أهداب الصرير، وتعشق ظلم الجبال، وظلم الكهوف، وعندك لرصاص البنادق إحمرار، تذر الرماد في عيون الطغاة، قادم إليهم كهبوب سحيق، مثل مدار يصد اللص عن مبتغاه، قديم لك المجد، قاصر من لا يرى فيك الشجاعة، لأنك من أرض الرباط، التي ردت سهام البهت لنحر الرماه، وأحنت بالسيف رؤوس الطغاة، هذي نواميسنا، وهذي الحياة، نستعيد الروايات من غورها، ونطمس أحلام النصابين البغاة، الطواحين إذا ما دارت ندور، نزرع في اأرض قمح، وغيرنا يزرع في الأرض القبور، هي الأرض تشتهي زرع البذور، تعشق الأرض زارعوها، وتنبذ الأرض هالكوها، وتكره لهالكوها دفع الثمر، الطواحين إذا ما دارت ندور، نعبر بانتصار كل الحروب، ولا نشكو الزحام، ولا نهاب، وإذا ما نمنا بسلام ننام، الطواحين إذا ما درات ندور.