يُقاس تقدم الأمم والمجتمعات بالعديد من المؤشرات ومن أهمها درجة اهتمامها بالموارد البشرية التي تمتلكها، لذلك تبذل المجتمعات اهتماماً كبيراً بشبابها وخاصة بالمرحلة الجامعية، وذلك عن طريق تقديم العديد من الأنشطة والخدمات الطلابية المقدمة لهم، حيث تعمل على صقل مهارات ومواهب الطلاب وبناء شخصياتهم في مختلف الجوانب، واستثمار أوقات فراغهم وزيادة تحصيلهم الدراسي، واكسابهم العديد من المعارف والخبرات والمهارات اللازمة والتي تجعلهم قادة للمستقبل قادرين على قيادة المجتمعات وبناء حضارتها وذلك عن طريق تنمية المهارات القيادية للطلاب.
ففي جامعة كولومبيا يتم تقديم برنامج قادة المستقبل لطلاب السنة الألى والثانية، بهدف تطوير المهارات القيادية للمشاركين وتشجيعهم على العمل بشكل إيجابي داخل وخارج الجامعة، وفي بريطانيا يوجد مركز دراسات القيادة في جامعة إكستير الذي يمنح دبلوماً للتأهيل القيادي للطلاب.
وفي جامعاتنا تُقام العديد من الدورات والبرامج التدريبية والأنشطة بمختلف أنواعها للطلاب بقصد تنمية مهاراتهم القيادية. وعلى سبيل المثال لا الحصر فإن الزيارات والرحلات الميدانية الداخلية والخارجية والتي تقوم بها الجامعات تعمل على صقل مهارات الطلاب وتعزيز المسؤولية الاجتماعية لديهم بالحاضر وعلى المدى البعيد، كما تقوم المجالس الاستشارية الطلابية بإشراك الطلاب في صنع القررات والتي تعتبر إحدى المهارات القيادية المهمة للطلاب، مما يزيد من انتمائهم للمنظمة ويرفع روحهم المعنوية ويعزز من ثقتهم بأنفسهم.
كما يعمل السجل المهاري لبعض الجامعات كجامعة الملك سعود بتنمية مهارات الطلاب القيادية فهو بمثابة وثيقة رسمية يحتوي على المهارات والدورات والجوائز التي حصل عليها الطالب خلال فترة دراسته بالجامعة حيث تتيح لهم التزود بالمهارات غير الأكاديمية اللازمة لدعم قدراتهم وإعدادهم لسوق العمل، مما يدعم فرص منافستهم على الوظائف.
كذلك سعت جامعة الملك فهد للبترول والمعادن بإدخال مقرر دراسي يُطلق عليه (مهارات الدراسة الجامعية) متضمناً المهارات الأساسية للنجاح والتفوق لمساعدة الطلاب على التكيف مع الحياة الجامعية بالإضافة لاحتواءه على مهارات تحديد الأولويات وإدارة الوقت.
إن رؤية المملكة 2030 في بناء شخصية الأبناء من خلال إكسابهم المعارف والمهارات والسلوكيات الحميدة ليكون ذا شخصية مستقلة تتصف بروح المبادرة والمثابرة والقيادة، ولديها القدر الكافي من الوعي الذاتي والاجتماعي والثقافي... سييجعل من المؤسسات التربوية بما فيها الجامعات تسعى إلى تقديم مزيد من الأنشطة والخدمات الطلابية ذات جودة عالية لتحقيق هذه الرؤية.
ولا يقتصر تقديم الخدمات والأنشطة الطلابية على الجامعات فقط بل أيضاً يجب الاهتمام بها منذ المراحل العمرية المبكرة في المدارس لتكون رافداً للطالب عند وصوله للمرحلة الجامعية، وسيكون برنامج إرتقاء والذي يهدف إلى إشراك 80% من الأسر بالأنشطة المدرسية كما دعت إليه رؤية المملكة 2030 ذات طابع مختلف إذ سيساهم بتشكيل اتجاهات إيجابية من الآباء نحو المدرسة وفاعليتها بوقت مبكر قبل المرحلة الجامعية مما يسهم بتنمية مهاراتهم القيادية منذ الصغر وخاصة أن النموذج التشاركي ما هو إلا أحد النظريات الحديثة لإدارة الخدمات الطلابية باعتباره وسيلة لتحقيق أهداف المؤسسة بفاعلية وكفاءة وذلك لما يتيحه من التعبير عن الآراء وتبادلها بين الأطراف المستفيدة( سواء داخل المدرسة أو خارجها) في وجود علاقات إنسانية قائمة على احترام الآخرين.