«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
جاء الصيف وبدأ الإقبال على شراء الآيسكريم يزداد بل ويتضاعف يوما بعد يوم ليس في بلادنا فحسب وإنما في مختلف دول العالم. ومازلت أذكر وأنا طفل صغير أحد أشقائي عندما أصيب بالحمى كان خلال أيام مرضه يحظى بعناية مضاعفة من الوالدة رحمها الله. وبحكم مرضه فكان لا يأ كل ما نأكل مهما قدم له من طعام. وبين فترة وأخرى تسأله الوالده ماذا تحب تأكل وما تشتهي فكان يرد بسرعة وبصوته المتهدج الضعيف: أبي آيسكريم..؟! فيتهلل وجهها باسما وتقول: ما تقول من الأول؟ عندها نركض سريعا في اتجاه أقرب دكان يتوفر فيه الآيسكريم.. وأيامها لم يكن الآيسكريم متوفرا إلا في بقالات محدودة تتوفر فيها ثلاجات شركات مشروبات الكولا الشهيرة والتي كانت توزعها لتسويق مرطباتها على البقالات والدكاكين..! وأذكر أن أول معرفتي بالآيسكريم كانت من خلال (كانتين أرامكو) فكنا عادة في الإجازة الصيفية نذهب بصحبة أحد الأقارب والذي كان يعمل في الشركة لنقضي أياما في ضيافته من أجل أن نستمتع بمشاهدة السينما وتناول الآيسكريم..؟! أما اليوم فالآيسكريم يكاد يكون موجودا وبصورة دائمة في ثلاجات بيوتنا وبالحجم العائلي. كونه بات في العقود الأخيرة جزء لا يتجزأ من المثلجات والحلى الذي يقدم عادة بعد العشاء أو عند زيارة الضيوف والمعارف.. ؟! والآيسكريم تاريخيا وكما تشير كتب التاريخ والانسكلوبيديا بدأ في الصين عام 200 قبل الميلاد وعندما كانوا يخلطون الحليب بالثلج والأرز وكذلك فعل الرومان القدماء بمزج الحليب بالثلج الطبيعي أيام الشتاء. وفي عام 1295م قام أثرياء إيطاليا بمزج وخلط اللبن بالثلج.. وهكذا انتشرت عملية المزج والخلط في العديد من الدول الأوربية والروسية بحكم وجود الثلج في فصل الشتاء.. ومع مرور الأيام بدأت بعض الحوانيت الفرنسية تقديم (المثلجات) وهي تعتمد على خلط الحليب بالثلج مع إضافة بعض المطيبات أو قطع الفواكه وعسل قصب السكر أو حتى الشكولاتة.. ويروى أن الملك الإنجليزي تشارلز الأول ملك إنجلترا عندما قام بزيارة إلى فرنسا في عام 1600 م قدم إليه اللبن المثلج الذي أحبه كثيراً فابتاع سر الخلطة من الطاهي الفرنسي الذي قدمها إليه وعاد بها إلى إنجلترا ومن هنا أصبح قادة وأثرياء الإنجليز يتناولون تلك الحلوى المثلجة. وفي عام 1700 م بدأ الحاكم الإنجليزي لولاية ميرلاند الأمريكية يقدم المثلجات لضيوفه وبعد مرور 76 سنة بدأت أول مؤسسة تجارية لبيع المثجات عملها في مدينة نيويورك. وقد أحبت دوللي ماديسون زوجة الرئيس الأمريكي المثلجات بشكل كبير فقامت بتقديمه إلى ضيوفها في البيت الأبيض في عام 1812 م وبعدها بفترة قامت سيدة أمريكية تدعى نانسي جونستون الأمريكية 1795-1890 بعمل آلة تجميد الآيس كريم وذلك في عام 1843 (قبل اختراع الثلاجات). وكان الجهاز اليدوي يتكون من سطل خشبي خارجي يتضمن الثلج المجروش. القصدير أو وعاء إسطواني يحتوي على مزيج الآيسكريم ليتم تجميد المزيج. وكانت السيدة نانسب قد حصلت على براءة الاختراع وكانت تبيع جهازها بأسعار زهيدة وفي عام 1851 م افتتح جاكوب فوسيل أول مصنع مثلجات في بالتيمور بولاية ميرلاند الأمريكية وكان يبيع المثلجات من خلال إحدى العربات المتنقلة. وفي 1899 م اخترع الفرنسي أوجست جولين ماكينة تساعد على خلط المثلجات بشكل متجانس مما ساعده على عمل المثلجات «الآيسكريم» بشكل أكثر سرعة وتميز وفي أوائل 1903 م كان بائع المثلجات الأمريكي «ايتالو ماركيوني» يبيع المثلجات على عربة يد يدفعها في شوارع المدينة كما ابتكر الآيسكريم المثلج المقدم داخل شريحة رقيقة من البسكويت والذي انتشر بعدها في كافة دول العالم. واسم الآيسكريم ومنذ القدم يختلف من بلد إلى بلد فهو يسى في تركيا «الدردرمه» وفي مصر «البوضة» وهناك من يسميه بالجيلاتي وحتى الشربات..؟ ! ولقد تطورت صناعة الآيسكريم في القرن الماضي وتنامت صناعته وإنتاجه في هذا القرن بصورة لافتة حيث بات من أكثر المنتجات المطلوبة في العديد من الدول خصوصا بعد انتشار الكهرباء في مختلف دول العالم ووصول الثلاجات والبرادات التي تحافظ على نقله من بلد إلى آخر بيسر وسهولة وبدون أن يتلف.. وتعتبر شعوب أمريكا والصين والهند ودول شرق آسيا من أكثر دول العالم استهلاكا للآيسكريم.. بل إن ولاية كولمبيا الأمريكية تستهلك معظم الآيسكريم في أمريكا تليها ولاية رود ايلاند وماساتشوستس وتكساس حسب ماجاء في أحد المواقع الإخبارية الأمريكية.. واليوم نجد في مختلف مدننا محلات متخصصة لبيع الآيسكريم تحمل علامات تجارية شهيرة. بل باتت توجد محلات وطنية أيضا تقدم أنواعا مختلفة من الآيسكريم أو بمعناه الكريم الثلجي.. أنواعا تخاطب جميع الأذواق وبمختلف النكهات. بل هناك أنواع خاصة لبعض الحالات المرضية كالسكري.. وأنواع خاصة للأطفال وما أروع أن تتناول هذا الحلو المثلج مع من تحب أكان من أفراد أسرتك أو الأحبة من الأصدقاء.