د. عبدالواحد الحميد
مازالت مشكلة السكن تمثل واحدة من أبرز المشكلات التي تواجه شريحة واسعة من المواطنين، وخاصة الشباب الذين يسعون إلى تكوين حياة أسرية مستقرة. ويبدو أن أمام المواطن السعودي سنواتٍ طوال كي يضع مشكلة السكن خلف ظهره.
فطبقاً لتحليلات وحدة الأبحاث والدراسات في هذه الصحيفة (الجزيرة) فإن مقدار ما تم إضافته خلال سنتين ليكون تحت التنفيذ يبلغ نحو 33 ألف وحدة سكنية، وأنه لو استطاعت وزارة الإسكان عبر برامجها المختلفة تنفيذ 30 ألف وحدة سكنية سنوياً فإن هذا يتطلب نحو 30 عاماً لتوفير المليون وحدة سكنية المطلوبة حالياً، علماً بأن الوزارة حينما أعلنت قبل سنتين عن خططها التفصيلية للإسكان توقع كثيرٌ من المحللين أن الوزارة سوف تكون قادرة على تغطية الطلب على الإسكان خلال خمس سنوات إذا تحققت خطتها التفصيلية على أرض الواقع!
ربما تكون الأمور تغيرت قليلاً الآن بعد مرور سنتين، لكن الأرقام التي أمامنا لا تدفع إلى التفاؤل حتى مع البرامج الجديدة التي تتحدث عنها وزارة الإسكان.
مشكلة السكن محيرة فعلاً في بلد كالمملكة! ففي بلدان كثيرة أصغر منا مساحة وأقل قدرة مالية تم التعامل مع مشكلة السكن بنجاح وبتكاليف أقل بكثير مما نتحدث عنه هنا في المملكة.
كان يجب أن يمثل الطلب المرتفع على السكن فرصة ذهبية لتحريك السوق وخلق أعمال للقطاع الخاص وإيجاد وظائف للمواطنين في قطاع السكن وتحريك الطلب على مواد البناء المختلفة، وهذه كلها أمور إيجابية تصب في صالح الاقتصاد السعودي.
لكن المؤسف هو عجزنا المزمن عن التعامل الجاد مع أسباب المشكلة، وهي أسبابٌ قُتلت بحثاً ولم يعد هناك طائلٌ من تكرارها فهي معروفة للصغير والكبير.
نترقب في الفترة القادمة الآثار المترتبة على فرض رسوم الأراضي البيضاء وبقية الإجراءات التي تم اتخاذها لفك الاحتكار في تجارة وتملك الأراضي والعقار وإشكاليات التمويل، ولكن حذار من التفاف المستفيدين من تعطيل هذه الإجراءات فهم يملكون ألف حيلة وحيلة لتعطيلها، وأرجو ألاَّ يكون أمام المواطن السعودي ثلاثين سنة أخرى قبل أن يتحقق الوفاء بالعدد المطلوب حالياً من الوحدات السكنية فضلاً عن الزيادات المتوقعة في الطلب كنتيجة طبيعية لتزايد عدد السكان.