د. محمد عبدالله الخازم
مؤسسة الأمير محمد بن سلمان الخيرية «مسك» تتجه لأن تكون رائدة التنمية البشرية، بمواصلة مبادراتها في المجال التعليمي والتدريبي بدءاً من مدارس الرياض وانتهاءاً بتأسيس كلية ريادة الأعمال التي أعلن عنها مؤخراً بشراكة عالمية متميزة، وذلك بفضل رؤية قائدها، مهندس الرؤية السعودية 2030، سمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. صاحب الرؤية أشار في ثنايا أحاديثه عن الرؤية السعودية إلى التوجه نحو الارتقاء بمساهمات القطاع الثالث وأحد أركانه تنمية نظام ومساهمة المؤسسات غير الربحية، بما في ذلك فكرة تحويل بعض الجامعات أو المستشفيات إلى مؤسسات غير ربحية. لذلك نجدها فرصة لاقتراح فكرة تحويل مؤسسة مسك من منظمة خيرية إلى منظمة غير ربحية.
بعيداً عن تفاصيل التعريفات والفروقات بين الخيرية وغير الربحية، والتي يدركها المهتمون بهذا المجال، نشير إلى أن المؤسسات الخيرية تنفق ريعها في أعمال خيرية ومداخيلها تعتمد على التبرعات الخيرية. بينما المنظمات غير الربحية تستخدم الجزء الأكبر من مواردها لتنمية أعمالها وبالتالي توليد مزيد من الفرص والأعمال، وتحكمها النظم المؤسساتية التجارية المعروفة باستثناء إعفائها من الضرائب والرسوم الحكومية ومنحها امتيازات إضافية تساعدها على تحقيق أهدافها التنموية والاجتماعية. في الولايات المتحدة يزيد حجم القطاع الثالث عن تريليون دولار وفي كندا يزيد حجم المنظمات غير الربحية عن 110 مليار دولار.
تحويل مسك إلى منظمة غير ربحية ( Foundation ) بدلاً من خيرية ( Charity) سيسهم في الآتي:-
1. إتاحة الفرصة لها لتنمية أوقافها التي تسهم في استدامتها وتطورها عبر موارد مستقرة ودائمة.
2. إتاحة الفرصة لها للتحول إلى مؤسسة استثمارية اقتصادية متقدمة.
3. إتاحة الفرصة لتوسيع مواردها وأعمالها. المنظمات غير الربحية تبدأ بمؤسس أو مؤسسين محدودين ثم ينظم آخرون إلى دعمها إيماناً برسالتها وبالعمل المجتمعي غير الربحي الذي تقوم به.
4. إتاحة الفرصة لها للانتشار وتقديم أعمالها عالمياً، حيث أن المؤسسات غير الربحية أكبر قبولاً عالمياً وليس لها ذات الحساسية التي تحملها المؤسسات الخيرية، بعد التشويه الذي طال العمل الخيري العالمي.
5. تحويل مسك إلى منظمة غير ربحية سيقدم نموذجا محلياً لهذا النوع من المنظمات، وما يتطلبه ذلك من تشريعات ومفاهيم.
6. التحول إلى منظمة غير ربحية يسهم في تطوير نظم الحوكمة، بشكل يجعلها منظمة ذات رؤية مستدامة تتجاوز مجرد الارتباط بالمؤسس إلى البقاء عشرات ومئات السنين، ولنا في عمر هارفارد ومؤسسة فورد وغيرها من المؤسسات غير الربحية المثال الحي.
مسك تمتاز بتميز أعمالها والتي ليس موضوعنا حصرها، بقدر ما هو طرح اقتراح لتطويرها وفق رؤية عالمية متقدمة، لتكون «فورد أو هارفارد السعودية». نستمد ذلك من رؤية ربانها - الأمير محمد بن سلمان- الذي يصف مهام مسك بأنها «الأخذ بيد المبادرات والتشجيع على الإبداع، بما يضمن استدامتها ونموها للمساهمة في بناء العقل البشري». ومن سار على الدرب وصل.