عروبة المنيف
إن التزايد المطّرد في السنوات الأخيرة فيما يتعلق بقضايا التبليغ عن حالات العنف ضد النساء في المملكة، يعتبر مؤشر صحي وينبئ عن ارتفاع في معدلات الوعي الحقوقي لدى النساء وارتفاع ثقتهن بالجهات المختصة سواء تلك المتعلقة بالحماية أو بالتبليغ، وتشير الدراسات إلى أن امرأة من كل خمس نساء يتعرضن للتعذيب الجسدي، وترتبط تلك الإحصائيه أيضاً بمدى تقبل المجتمع رجالاً ونساءً لتلك الظاهرة. ففي دراسة توضح مدى تقبل الرجال للعنف ضد النساء أجاب 53% من الرجال استعدادهم لاستخدام العنف ضد النساء في حال عدم اتباعهم للتصرفات المقبولة! وذكر 32% من الرجال بأنهم مارسوا العنف بالفعل ضد زوجاتهم بسبب سوء تصرفهن، في حين أكدت 32% أيضاً من النساء قبولهن ممارسة العنف ضدهن في حالة سوء تصرفهن!.، إحصائية أخرى أكدت أن نسبة النساء اللواتي يستسلمن «لتعنيف الولي» الجسدي ولا يقاومن تصل إلى 94%!
إن موضوع العنف الممارس على المرأه متشعب وشائك ولكننا معشر النساء استبشرنا خيراً بقرارين لعلهما يساهمان في رفع المظلومية عن المرأة ويقلل من معاناتها. أول هذين القرارين هو تعيين امرأة في منصب وكيل الرئيس في الهيئة العامة للرياضة وهي الأميرة ريما بنت بندر، لعلها بهذا المنصب تساهم في تحصين بنات جنسها من النساء في التمتع بالقوة الجسدية من خلال إتاحتها الفرصة لهن بتعلم رياضات الدفاع عن النفس «كالكاراتيه والجودو» حتى يستطعن الدفاع عن أنفسهن في ظل تسلط الرجل عليهن فلا يستسلمن وتصبح حياتهن رهينة بأيدي معذبيهن وخصوصاً في ظل غياب دستور واضح يحفظ حقوق النساء ويحميهن من تسلط ولي الأمر، ولا سيما أن بين ظهرانينا من يستخدم الدين كمطية من أجل مصالح سلطوية ذكورية بحتة، فقد أفتى أحد أعضاء هيئة كبار العلماء مؤخراً عندما سئل عن جواز دفاع المرأة عن نفسها إذا تعرضت للضرب والتعنيف من قبل زوجها، فأجاب بأن ذلك لا يجوز فهو من الخلق السيئ الذي لا يجوز!، نتساءل، إذا كان الدفاع عن النفس هو خلق سيئ، فهل الخلق الحسن هو الموت تحت رحمة وحش كاسر؟ وهل يرضى هذا العضو بأن تضرب ابنته من قبل زوجها «مستسلمة» وتحت رحمته؟!
إن التعويل على تلك الفتاوى المنحازة وغير المنضبطة أصبح أمراً غير مستساغ في ظل التغيرات المجتمعية المتسارعة ولا سيما أن التوجهات العامة للدوله تهدف إلى الرفع من المستوى الحضاري للمواطنين بما يضمن تحقيق المساواة والعدالة للجميع.
الخبر الثاني هو خبر إنشاء مجلس لشؤون الأسرة، الذي نتطلع أن تكون له أبعاد أمنية واقتصادية واجتماعية وثقافية مستقبلاً بما يساهم في تحسين العلاقات الأسرية التي تعاني من تفاقم عدة قضايا حالياً كالطلاق والعضل وجواز القاصرات والعنف وغيرها والتي تكون في أغلب الأحوال ضحيتها امرأة، وحبذا لو تدشن أولى نشاطات المجلس ببرنامج يساهم في تغيير الصورة النمطية للمرأة في المجتمع واعتبارها إنسانة كاملة الأهلية وليست قاصر، وحبذا أيضاً لو يتم تقليد امرأة لقيادة ذلك المجلس فلدينا ولله الحمد من الكفاءات النسائية ما يشرف ويجعلهن قادرات على تولي تلك المسؤولية العظيمة، فلن يخيب قوم ولوا أمرهم امرأة.