في عام 1948 دعت جمعية الصحة العالمية إلى تكريس «يوم عالمي للصحة» لإحياء ذكرى تأسيس منظمة الصحة العالمية. ومنذ عام 1950، جرى الاحتفال سنوياً بيوم الصحة العالمي في السابع من أبريل. ويتم، كل عام، اختيار موضوع ليوم الصحة العالمي للتركيز على مجال من المجالات التي تثير القلق وتحظى بالأولية في سلّم منظمة الصحة العالمية.
وقد جعلته هذا العام في داء السكري، و داء السكري مرض مزمن يصاب الناس به عندما لا ينتج البنكرياس كمية كافية من الإنسولين أو عندما لا يستطيع الجسم أن يستعمل الإنسولين الذي ينتجه بكفاءة. والإنسولين هرمون ينظم سكر الدم ويمنحنا الطاقة التي نحتاج إليها كي نظل على قيد الحياة..
وهناك شكلان رئيسيان من داء السكري. والمصابون بالنمط الأول من داء السكري هم المرضى الذين لا ينتجون نموذجياً أي كمية من الإنسولين ومن ثم يحتاجون إلى الحقن بالإنسولين كي يبقوا على قيد الحياة.
أما المصابون بالنمط الثاني من داء السكري، وهم يشكلون 90% من الحالات تقريباً، فينتجون الإنسولين عادة ولكن بكمية غير كافية أو لا يستطيعون استعماله على النحو السليم. ويكون المصابون بالنمط الثاني من داء السكري زائدي الوزن عادة وقليلي الحركة، وهذان أمران يزيدان احتياج الفرد من الإنسولين.
وبمرور الوقت يمكن لارتفاع نسبة سكر الدم أن يضر بشكل خطير كل جهاز من أجهزة أعضاء الجسم والأعضاء النبيلة على وجه الخصوص كالكلى والعينين، ويتسبب في الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية وتلف الأعصاب والفشل الكلوي والعمى والعجز الجنسي وحالات العدوى التي يمكن أن تؤدي إلى بتر الأطراف يشبهه أحد العامة بالفأرة التي جاءت على سد مأرب ، ويقول لي آخر إنني لا أتمناه لأعدى أعدائي لأنه مرض خبيث على حد تعبيره.
في عام 2008 أشارت التقديرات إلى أن 347 مليون شخص في العالم مصابون بداء السكري وأن معدل انتشاره آخذ في التزايد ، وفي عام 2012 كان هذا المرض هو السبب المباشر في وفاة أكثر من 1.5 شخص وسيحتل هذا المرض المرتبة السابعة بين أسباب الوفاة بحلول عام 2030 حسب تقديرات المنظمة.
أيها الأخوة الكرام بعد هذا السرد التاريخي لهذا المرض فإننا اليوم نقر أن داء السكري لم يعد مشكلة صحية بل أصبح تحديا رئيسيا يواجه الأمم والشعوب تحديا يؤثر تأثيرا مباشرا في الخطط الإنمائية ومنظومة التنمية المتكاملة والشاملة والخطط التي تصبو إليها المملكة العربية السعودية.
المملكة وفقها الله وفرت كل العلاجات اللازمة لمرض السكري وغيرها من الأمراض،
والمعنيون بصحة الإنسان على أرض المملكة يتابعون المستجدات العلمية في مجال علاج هذا المرض ولعل آخرها زراعة الخلايا الجذعية والتي هي في أدوارها الأولى نسأل الله أن يوفق العاملين عليها للوصول إلى نتائج مرضية تساهم في الحد من انتشار هذا الداء الفتاك.
وانطلاقا من مبادئ ديننا الحنيف الذي حث على طلب الدواء والسعي وراءه كما جاء في حديث جابر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لكل داء دواء فإذا أصيب دواء الداء برأ بإذن الله عز وجل).
ومن الحاجة الماسة اليوم لنا كمجتمعات خليجية فإنني أجزم أننا في المملكة مثلا لا يخلو بيت عندنا من مصاب بهذا المرض أو قريب على الأقل فلا أقل من السعي وتلمس الجديد.
أهلنا اليوم يبحثون عن العلاج في مواقع التواصل وعند أرباب العلاج في الطب البديل والعطارين بل وصل بهم الأمر إلى السفر إلى المشعوذين لأنهم كالغرقى الذي يتعلقون بقشة.
فواجبنا اليوم أيها الأخوة الكرام أن نرصد لهم العلاج الصحيح وأن نوجههم الوجهة الطبية المثلى وأن نرقى بهم بعيدا عن الابتزاز والحيل والعلاجات التي قد تفتك بهم من حيث لايشعرون.
ولاشك أن منظمة الصحة العالمية بإعلانها أن يوم الصحة العالمي الذي يوافق السابع من أبريل لهذا العام 2016م جعلته في داء السكري لتبعث من خلاله عدة رسائل وتعلق الجرس محذرة المجتمعات والأمم أهمها أنها ترى سرعة انتشار هذا الوباء مع إمكانية الوقاية منه والسيطرة عليه بعد أن يصاب به الإنسان وهي تهدف إلى تسريع الوقاية وتعزيز الرعاية وتحسين الترصد.
فيأتي مؤتمر الشؤون الصحية في الرياض العاصمة ليعكس اهتمام حكومة خادم الحرمين الشريفين سلمه الله ممثلة بوزارة الصحة وبالشؤون الصحية تحديدا وبرعاية كريمة من الدكتور ناصر الدوسري وفريقه المثابر لتؤكد بأنها تسعى إلى تعزيز قدرات النظام الصحي للتصدي لهذا الداء بما يتوافق مع أحدث الدراسات والتوصيات العلمية مع تطوير الإجراءات للحد من انتشاره من خلال الرعاية الصحية المتكاملة بأبعادها الثلاث الوقائية والعلاجية والتأهلية.
ومن نافلة القول أن نقول إن مقدمي الخدمة في القطاع الأهلي لا نرى أن ما يجمعهم بالقطاع الحكومي مما يشاع بأن العلاقة بينهم علاقة شراكة فهذا المفهوم فيه شيء من الخطأ والإجحاف بحقهم وبحق القطاع الحكومي.
العلاقة هي علاقة تكاملية وتبادل للأدوار فالنقص في منظومة العمل الحكومي يتمه القطاع الخاص وهكذا.
لذا نؤكد هنا على أهمية التنبه والانتباه لعمل القطاع الخاص لنذلل لهم الصعاب كي نصل إلى مبتغانا خاصة فيما يتعلق بالأمور البسيطة كالتراخيص واشتراطات افتتاح المراكز.
وأن ننظر لهم كما ننظر إلى الأجهزة الطبية العاملة في القطاع الحكومي سواء بسواء تقديرا للدور الرائد والمهم الذي يقدمه القطاع الخاص.
نحمد الله أيها الأخوة أننا في بلد يرقب الله في صحة المواطنين والمقيمين على أرضه ويرى برؤية الشرع أن النفس البشرية هي واحدة من الأمور الخمس التي جاء الإسلام بحفظها. ورعايتها وأننا سبقنا المنظمات الحقوقية والصحية منها بهذا الاهتمام الذي يمليه علينا شرعنا الحنيف.
ومن هذا المنطلق لم تقصر حكومة خادم الحرمين بل تبذل في سبيل الحد والتقليل من انتشار الأمراض ومنها داء السكري جهودا تذكر فتشكر.
أسأ الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفينا ويشفى مرضى المسلمين وأن يوفق الجميع لما يحب ويرضى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.