صيغة الشمري
شاهد الكثير منا المقطع المصوّر الذي انتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي والذي تظهر فيه سيدة تقوم بقطع (السلك) الكهربائي لتوقف بث أغنية (شيلة) عن باقي السيدات الموجودات في مكان عام، لن أذهب في نقاش يشبه (الهاشتاق) الذي اختلف الناس فيه بين مدافع ومنتقد لتصرف هذه السيدة؛ فهذا جدل لن نصل فيه إلى الحقيقة أو إلى التقييم الصائب العقلاني لتصرف أختنا (فاصلة السلك)، هي فصلت سلك السماعة ومضت في حال سبيلها وتركت المجتمع يتعارك بين معسكرين للرأي تعودنا ألا نراهما متفقين مهما كانت القضية التي يتجادلان حولها، من أتفه القضايا إلى أكبرها وأخطرها، تعودنا على ضجيج هذين التيارين وعلو الجلبة في عراكهما حتى لا تستطيع أن تخرج بنتيجة نهائية تفيد هذا المجتمع وتخدم مصالحه وتدعم ثباته الأمني كمجتمع مسلم يحتكم إلى الشريعة في حياته كلها، تصرف الأخت لم يكن هو الأول من نوعه ولن يكون الأخير، كون مشاكل (فصل السلك) تتكرّر بشكل شبه سنوي في كثير من المحافل تحت مبرر أن ما يحدث هو منكر ويجب إيقافه، لو تم جلب هذه السيدة وتم وضع فريق من النساء تحت إدارتها ليقوم بالعمل الذي قامت به وأصبحت هي نفسها مديرة قسم النساء لمنع إذاعة الشيلات في الأماكن العامة وقامت سيدة أخرى ليست من فريقها بالتصرّف من نفسها وقطعت سلك السماعات وعكرت الجو لقامت هذه السيدة برفع شكوى عليها للتدخل في ما لا يعنيها. قبل سنوات كنت كاتبة مقال مبتدئة في صحيفة وكنت أغضب أحياناً عندما يقوم المسؤولون في الصحيفة بتعديل بعض الجمل أو العبارات الحادة في مقالي يقيناً مني بصواب ما أكتبه، وبعد أن تشرّفت بالإشراف على إحدى المطبوعات التابعة لمنشأة ضخمة أصبحت أعدّل وأغيّر في بعض الجمل والعبارات التي يكتبها زملائي في المطبوعة واستفدت درساً لا أنساه مفاده أن تصرفات الشخص الذي يتحلَّى بواجب المسؤولية الاجتماعية أكثر تغليباً للمصلحة العامة وأكثر هدوءاً وحكمة، لا يجب أن نعطي أنفسنا حق اتخاذ القرار وتنفيذه دون مراعاة لعواقبه، لم نعهد طوال حياتنا من رجال الدين الأفاضل في بلادنا وعلمائنا موقفاً علنياً في النصح أو إنكار المنكر باليد، لن نجني من هذه التصرفات الفردية سوى المزيد من شق الصف في وقت نحن أحوج ما نكون فيه لتلاحمنا والحفاظ على أمننا الداخلي، أتمنى أن لا تترك الأمور عائمة حتى لا يحدث ما هو أسوأ لا سمح الله، إما منع هذه الفعاليات إن كانت منكراً مخالفاً للدينو منع تخريبها إن كانت ليست مخالفة للدين، حتى لا يتجرأ كل من هبَّ ودبَّ على تخريب المناسبات العامة ومن ثم تجوب المقاطع المصورة بقاع الدنيا عبر وسائل التواصل ليجد الأعداء فرصة لتشويه سمعة بلادنا ومجتمعنا من خلال مقاطع مصوّرة تنقل حدثاً يحمل تصرفاً لا ينم عن أن صاحبه يحمل أدنى ذرة من المسؤولية الاجتماعية، يجب أن يتحرك من يهمه أمن هذا المجتمع الطيب قبل أن نجد الكثير من فاصلي (الأسلاك)!