لا شك أنَّ الاهتمام باستثمار الأموال قد زاد كثيراً في أيامنا هذه، وشغل الكبير والصغير، الرِّجال والنساء، الأغنياء والفقراء. فلا ينعقد مجلس إلا ويتطرق الحديث فيه إلى الاستثمارات.
فبعض الناس يمدح العقار والاستثمارات العقارية ويحضون عليه، وآخرون يُرغِّبون في الاستثمار عن طريق الأسهم ويُزيِّنون شراءها، وفئة ثالثة تُطري مجالات استثمارية أخرى، تجدها أكثر ربحاً وأماناً.
ولكن، وللأسف، حدثت في المجتمع مآسٍ ونكبات وخسائر ومصائب مالية واجتماعية ونفسية جراء اللهاث وراء الربح السريع من كل مكان، والانخداع لصُنّاع وَهْم الاستثمار المربح.
وهنا أشير لنقاط رئيسة في هذا الموضوع، منها:
أولاً: الأسهم والمساهمات أصبحت حديث الناس وشغلهم الشاغل هذه الأيام، أناس نجحوا وحققوا ثراءً سريعاً، وآخرون تحوَّلوا - نتيجة جهلهم وخداعهم - إلى مفلسين ومرضى، وبعضهم فارق حياتنا الدنيا.
ثانياً: مع ظهور الإقبال المتزايد من المتعاملين بالأسهم رجالاً ونساء، وتورط كثيرين بهذا النوع من الاستثمار، خسر بعضهم صحته وماله ووقته، وتورّط بعضهم بحقوق الآخرين مدّعين الكسب والربح السريع.
ثالثاً: إنَّ نسبة المضاربين في سوق الأسهم والمستثمرين في سوق العقار، 80 % منهم تتميز بقلة المعرفة بأسرار هذا الاستثمار وكيفية الدخول إليه والخروج منه، خاصة عند حدوث انهيار حاد في الأسعار.
رابعاً: ليس كل شخص يصلح للاستثمار في الأسهم والعقار مثلاً، خاصة قليل الصبر، الذي يتأثر نفسياً ويصيبه القلق والأرق وتشغله الاستثمارات عن أمور الحياة الأخرى وتكون همه الوحيد بالدنيا وشغله الشاغل.
خامساً: وصل الأمر ببعض المساهمين والمستثمرين أن يتخذ قرار البيع أو الشراء بناء على الرؤى والأحلام أو التوصيات أو بناء على إحساسه الشخصي.
إذن، ما المطلوب؟!!
أولاً: لقد قيل إنَّ مَنْ أراد التعامل بالأسهم فعليه بمجموعة من القواعد المهمة، منها:
1) تقدير حجم المال الذي يخصّص للتعامل في سوق الأسهم، وألا يضع الإنسان ماله كله في مجال يحتمل الربح والخسارة.
2) تحديد الموقف من التعامل بالأسهم، مضارباً أو مستثمراً، إذ بينهما فروق.
3) توزيع المال المستثمر في مجالات وأسهم عديدة وفي أكثر من شركة نقية.
4) استشارة أهل الخبرة في السوق عن أفضل الضمانات والثقة وإيجابيات التعامل مع بعض الشركات والمزايا الجيدة للأسهم المتداولة.
5) اتقان الإنترنت للتعرف على أسرار تجارة الأسهم من خلال مواقع مخصصة للاستثمار في مجال الأسهم.
ثانياً: لقد قيل إنَّ اختيار المرء لاستثمار معين ينبغي أن ينطلق من أمرين:
الأول: المعرفة الوافية بمختلف أنواع الاستثمار وميزات كل منها.
الثاني: الرؤية الواضحة لأهداف المرء من الاستثمار.
ثالثاً: لقد قيل إنَّ الناس يفضِّلون الاستثمار الذي يضمن لهم أموراً ثلاثة:
1) المحافظة على رأس مالهم.
2) تقديم أكبر نسبة ممكنة من الربح.
3) إبقاء مالهم في متناول أيديهم ليستعملوه متى شاؤوا.
وواضح أنَّ الاستثمار الذي تجتمع فيه هذه الميزات الثلاث هو الاستثمار المثالي.
رابعاً: إنَّ من أهم الواجبات على الدولة في هذا العصر القيام بالتنظيم الدقيق والمتابعة المستمرة والتقويم الفعّال والتقنين اللازم، لكل ما يجري في المجتمع من استثمارات وتعاملات اقتصادية، ضماناً وأماناً، للفرد والأسرة والمجتمع والدولة.