إجرام الاتحاد السوفيتي بغزو أفغانستان. تلاه طرده مرغما، خلق القاعدة التي تخلقت من مختلف جنسيات العالم نتيجة لخذلان الغرب - خاصة الولايات المتحدة - لما يسمى بالمجاهدين. فكانت عواقب ذلك الخذلان، أن القاعدة فرعت منظمات متخلقة عنها، وكلها متفرعات مارست العنف ضد كل مسالم، وكل فضيلة إنسانية. فاختلف العالم كله حول تعريف يمكن الاتفاق عليه. فمرة القاعدة، وآخر الإرهاب المتشدد، وأخرى الإرهاب الإسلامي، والإرهاب المتطرف وأخيرا «داعش» وكل هذه التسميات وجهت أسهمها للغرب وحلفائه وأصدقائه سواء من العرب أو غيرهم. وروسيا بعد تفككها وانفراط عقد اتحادها، شعر قادتها وعلى رأسهم «بوتين» رجل الاستخبارات والاصطياد في الأماكن المظلمة. حلم ولا زال يحلم بالقيصرية. فلم يغنه وجود قواعد بحرية في طرسوس. وقد زالت اصنام أنصاره في الساحة الجغرافية الشرق أوسطية. كصدام حسين، ومعمر القذافي وسالم ربيع. ولم يبق له إلا صنما واحدا في سوريا. ولكنه صنم منكر. نسي او خفى على «بيوتين» أن صنمهم في دمشق ممسوخ. يظنوه أسدا، وهو في الاصل «جحش» تقمص قميص اسد. و»بوتين» بهذا الخيار الذي من أجله مارس بأشد ما عرفت الإنسانية من تطور لتقنية السلاح والذخيرة عنفا تجاوز إرهاب الإرهاب إلى العذاب. فإن كان «بوتين» قد ظن أن الشعوب تنسى، فقد نسي أن بيته من زجاج على أرضية هشة على برادع حمير في دمشق، وعلى ثلج هش في روسيا الاتحادية. وربما نسي أن الشعوب أقدر من السلاح مهما كانت سطوته. وله في الانقلاب الفاشل في تركيا خير دليل ومثال. والشعب السوري العربي أبي إباء عمرو بن كلثوم - سينال مطلبه بطرد نظام الاصنام المستنسخة. وحينها سيتذكر «بوتين» أنه لم يترك لنفسه بما فعل ويفعل الآن في سوريا من قتل بالطائرات للأطفال والنساء والشيوخ السوريين، بالذخائر المحرمة دوليا، والحصار والتجويع، فرصة للشفاعة له للبقاء في ميناء طرسوس كقاعدة بجرية، حينها سيتذكر المثل القائل «من أراده كله ضيعه كله» هذا في الجانب المحلي. أما ما سينتظر من مستقبل الأمن الروسي. فكما خلق الغرب القاعدة في أفغانستان من حيث لا يدري أو بغباء غطرسة القوة. فروسيا اليوم بممارستها في سوريا، قد نثرت بغباء بذور منظمات قد تكون أفتك من القاعدة، وأفحش من داعش. تنتقم من روسيا للسوريين الغزل. أثناء كتابة هذا المقال أعلنت القنوات الفضائية الاتفاق بين جناحي المليشيات الانقلابية على إدارة الدولة منافة دورية فيما بينهم. وقد أظهرت الصور أن الحية برأسين قد اجتمعت حول طاولة توقيع الاتفاق. وحيث تبينت بهذا الاتفاق النوايا التي كانت مخفية بين ثنايا مناورات وفد الانقلابين. بحرق واضح صريح لقرار مجلس الأمن 2210 وكل المرجعيات الشرعية. هذا النكوص لم يكن غريبا ولا مستبعدا، وقلت في أكثر من مقال بهذه الصحيفة إن الحوثيين لن يقبلوا بأي اتفاق حتى لو امتدت المحادثات سنوات، لأن أي اتفاق يحيد بهم عن هيمنة سلطة الولي الفقيه لن يقبل منهم من قبل أسيادهم في طهران.. إلا أن يكشفوا عن حقيقة موقفهم بهذه الطريقة الفجة، استهانة بكل المجتمع الدولي والاقليمي، الذي كانت تخامره الآمال البسيطة بحلول سلمية. فأسقى الانقلابيون كأس الردى. لكل الآمال الحالمة. مع معرفتي بعدم قبولهم لأي حل سلمي يزيحهم عن الزناد والولاية. إلا تعلن بهذه الطريقة الفجة، فلم تكن متوقعة لاحتمال أن بينهم ممارسون للسياسة والدبلوماسية أمثال القربي. وهذا الاحتمال يظهر أنه ذهبت به عواصف الايدلوجية الفارسية التي ألهمتهم بهذا التصرف الذي لم يدركوا عواقبه «ندم البغاة ولات ساعة مندم» والبغي مرتع مبتغيه وخيم.