إبراهيم عبدالله العمار
في عام 1924م كانت آنا ميتشل ابنة السبعة عشر عاماً ترافق أباها عالم الآثار، والذي ينقب في أطلال مدينة لوبانتون المندثرة في دولة بيليز في أمريكا الوسطى. لما كان العلماء منشغلون بالنقاش والتنقيب انتبهت آنا إلى شيءٍ ما بقرب أحد المذابح العتيقة، شيء بحجم جوزة الهند، فذهبت له والتقطته، وإذا به شيء غريب. لما تفحّصته انتبهت قائلة: جمجمة؟ لم يكن الأمر واضحاً لها لأنّ الجمجمة بدون الفك السفلي، والذي عُثر عليه بعدها بثلاثة أشهر قريباً من بقية الجمجمة. لكنها ليست جمجمة حقيقية، بل كريستالة صخرية نُحِتت على هيئة جمجمة بشرية.
تقاطب الخبراء على هذه القطعة الفريدة، وشكك بعضهم في حقيقتها، لكن عُثر على عدة منحوتات مثل هذه، وظهر سؤال إلى الآن لم يجب أحد عليه: ما قصتها؟
لم يُعرَف شيء عن مثل هذه الجماجم. لم يُرَ مثلها من قبل. قال أناس إنها صناعة حديثة وُضعت هناك ليحصل المكتشفون على الشهرة، وهناك من قال إنها من بقايا حضارة أطلانطس البائدة والتي سلّموها إلى شعب المايا الذي سكن تلك المنطقة ويُعتقد أنهم أصحاب تلك الآثار. وُضِع تقدير لعمر الجمجمة الكريستالية الصخرية: 3600 سنة. هذا في زمن يسبق أمة المايا. قال علماء آخرون إنها أقدم حتى من ذلك، وآخرون رأوا أنها أقرب لنا زمنياً. تناوعت التقديرات كثيراً.
لكن استحال معرفة عمرها بدقة، خاصة مع معلومة جعلت ذلك النحت أكثر تحييراً لنا: مادة الكريستال الصخري والتي تسمّى المرو شديدة الصلابة، وتحتاج أدوات متخصصة. نستطيع اليوم نحت أي شيء من المرو بسهولة بسبب الأجهزة الحديثة، لكن في السابق لم يكن هذا ممكناً بهذه السهولة، ظهر السؤال: من الذي استطاع ذلك؟
ما شأنها يا ترى؟ البعض نسب لها قدرات خارقة، وآخرون مثل فريدريك ميتشل – والد آنا التي وقعت على الجمجمة – قال إنه يرى أن الكثير من الناس عملوا على نحت الجمجمة من المرو، وأن الموضوع احتاج أجيالاً متعاقبة كلها عملت على هذه المهمة الجسيمة الصعبة، حتى إنه قال إن نحت جمجمة بالغة النعومة والإتقان من قطعة مرو شديدة الصلابة احتاج 150 سنة! ويرى أنها من صنع كهنة المايا كتجسيم للشرّ.
لكن هذا مجرد رأي، وإلى الآن لا ندري من نحت تلك الجماجم الكريستالية ولا كم عمرها ولا ما هدفها، ولا تزال من غوامض تاريخ الآثار.