سعد بن عبدالقادر القويعي
بحسب تقرير أعدته «حملة السكينة» التابعة لوزارة الشؤون الإسلامية , حول انتهاج إيران - أخيرا - سياسة تهريب قيادات بتنظيم القاعدة , بعد أن كانت تؤويهم بأراضيها إلى تنظيمات إرهابية أخرى , مثل: داعش , وجبهة النصرة في دول الجوار بالعراق , وسوريا ، أو في ليبيا , وتركمانستان ؛ لتحقيق أهداف دولية , وأخرى تخريبية ؛ ومن أجل خروج إيران من التبعات النظامية , والقانونية العالمية ، وعدم التورط دوليا بالحضانة الصرفة للتنظيم ، وضمان تطبيق الأجندة الإيرانية بالدول المجاورة , وفي التنظيمات الإرهابية الأخرى .
من جانب آخر , فإن قاعدة بيانات «هارموني» في وست بوينت , والوثائق الملغاة سريتها التي تم نشرها في الإعلام الأمريكي , وتناولتها عدد من وسائل الاعلام العربية , تثبت أن هناك أدلة عديدة على شراكة إيران , وتنظيم القاعدة ، وكشفت ذلك مئات الوثائق من خلال الاشتباك المباشر بين إيران , وقيادات تنظيم القاعدة على الأرض - عسكرياً واستخبارياً - , وكذلك من خلال حلفائها من داخل دول النزاع , تؤكد على أن العلاقة بين إيران وتنظيم القاعدة علاقة مزدوجة , ومركبة , تجاوزت الخلافات الآيديولوجية - كافة - ؛ من أجل تحقيق إيران مصالحها القومية , وأهدافها في المنطقة. - وبالتالي - فإن العلاقة الإيرانية بالإرهاب القاعدي في المنطقة , - وخصوصا - في العراق , وأفغانستان خرجت أسرارها من المحبس الإيراني إلى العلن , حيث تشير التقارير السرية إلى تطور العلاقات بين فيلق القدس الإيراني التابع للحرس الثوري مع تنظيم القاعدة إلى حد كبير.
تجري الأحداث - اليوم - على خط زلزال واحد , الأمر الذي يتماشى مع السياسة الإيرانية , والمبنيَّة في جانب كبير منها على مفهوم, أن استمرارية الصراعات في المنطقة قد يكون أكثر نفعاً من إنهائها ؛ وحتى تنفذ إيران سياستها في العراق - على سبيل المثال - , فإنها تحتاج كما يُعبّر عنه - الكاتب - سمير الصالحي إلى أطراف يمكنها أن تؤثِّرَ في الأوضاع , وتستهدفَ القوى العراقية بما يخدم المخطط الإيراني، دون أن يكون هناك ما يربط إيران بهذه الأطراف - تاريخياً أو دينياً أو سياسياً - ، بل يمكنها أن تنفي بقوة أي ارتباط بها، وهذا ما تجسّد في حالة تنظيم القاعدة ؛ بسبب التنافر العقدي.
فالاختراق في نظر الكاتب , ليس بالضرورة أن يتم من خلال صرف القاعدة المُخترَقة عن تنفيذ أهدافها الخاصة , وفْقَ رؤيتها بشكل كلي , أي : «نظرية المؤامرة»؛ ولكنه قد يتضمّن تحقيق قَدْر من التوجيه في ما يتعلق بالتوقيت , أو اختيار الأهداف؛ فأدوات الاختراق معروفة , وتشمل : التمويل ، والإيواء ، وسائر أنواع الدعم اللوجستي؛ وليس بالضرورة أن يكون الاختراق شاملاً لكل المستويات القيادية، أو أن يصل إلى مستوى إصدار تكليفات مباشرة ؛ لذلك تبقى قوى من القاعدة غير مسيطر عليها, ولا تعرف ما يجري وراء الكواليس.
يحتم الواجب أن نعي الأمر جيداً؛ فتراكم المعلومات تفرض إعادة دراسة التاريخ من جديد ؛ حتى قبل الحادي عشر من سبتمبر ؛ ولتبدو الحالة العراقية , والسورية , والليبية , واليمنية النماذج البارزة في الوقائع - في الأيام الأخيرة - , وأن تتلخص حرب الدول الكبرى على الإرهاب ، والتي كان عنوان استراتيجيتها الشاملة في العمل العسكري , والسياسي , والإعلامي ضد العالم الإسلامي - هذا من جهة - , - ومن جهة أخرى - حين تتغير قواعد اللعبة سنختصر مشهد الإرهاب , وإعادة كتابة قواعد اللعبة بجملة مفيدة : ابحثوا عن إيران , وأذرعها للابتكار في مجالات العمل السري , والاحتواء.