عرف البروفيسور عبدالرحمن بن محمد الأنصاري بنشاط البحث في آثار الجزيرة العربية حيث أبلى بلاءً حسنًا في متابعة الحضارات التي سادت في الجزيرة العربية وبحث عن آثارها وأغنى متحف الآثار في جامعة الملك سعود وغيرها بالعينات الأثرية التي وثقت تلك الثقافات وأوضحت للباحثين وللعامة ما تحتويه أرض الجزيرة العربية من ماض أخذ بجميع أبعاد الحياة الإنسانية، كما أثرى المجتمع بجميع أطيافه العلمية والثقافية والاجتماعية بمؤشرات ماضي الجزيرة العربية وعراقة هذه الأرض بدءًا من العمق التاريخي للتراث والثقافة حتى بداية الثقافة الإسلامية التي جعلت من بلادنا قبلة الإسلام عندما نزل الوحي على سيد الخلق محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم.
كما عرف الدكتور الأنصاري بصاحب المبادرات والأولويات في مجالات عملية عديدة منها مركز خدمة المجتمع والتعليم المستمر حيث كانت جامعة الملك سعود السباقة إلى تفعيل المسؤولية الاجتماعية بإنشاء مركز خدمة المجتمع والتعليم المستمر الذي قدم ويقدم عديدًا من الدورات العلمية والعملية والاستشارات الأكاديمية.
تلك الخدمات ودورها العلمي والاجتماعي كانت النواة لإنشاء مراكز خدمة المجتمع مستفيدة من المبادرة التي تبناها الدكتور الأنصاري.
هذا ما عرف عن هذا العالم الجليل ولكن ما لم يعرف عن العالم الإنسان لا يقل أهمية عن نشاطه العلمي فالأنصاري عرف بالخلق الحسن وطيب المعشر والإيثار وحب الخير للغير. ورغم أنني لم أتتلمذ على يديه فأنا أدين له بالفضل كونه خصني بجزء وفير من ذلك العلم عندما زرته لأعرض عليه فكرة أطروحة الدكتوراه التي قدمتها لنيل الدرجة من جامعة بنسبرغ في الولايات المتحدة الأمريكية لم أتمالك أبدًا سروري وعرفاني له بالفضل عندما أشأد بأطروحتي بالرغم من أنها كانت حول متاحف التاريخ الطبيعي وأنشطتها الثقافية والتعليمية مطبقه على ستة من المتاحف المعتبرة في الولايات المتحدة وكنت أعتقد أنني الوحيد الذي أحظى بهذه الرعاية منه إلا أنني علمت أنه تبنى عديدًا من أبناء الوطن الذين يتولون مناصب قيادية.
العالم الأنصاري لم يكتف بتوجيهي في أطروحتي، بل تابع سيري دون علمي في ذلك الوقت بعد عودتي للعمل في كلية التربية حينما جاءني اتصال منه لزيارته وطلبه مني التعاون في تدريس مادة في قسم الآثار في كلية الآداب عندما كان رئيسًا للقسم وكان يطلب مني ذلك بأسلوب العالم الذي يرى في تنوع الثقافات مجالاً للإبداع وكنت أزداد سرورًا وزهوًا بهذا الطلب الذي لم أكن أتوقعه وأن أكون تحت إدارة رجل الآثار الأول في المملكة، عملت معه سنتين، بعدها طلب مني أن أكون وكيلاً لعمادة خدمة المجتمع الذي كلف بعمادتها لينتهي بي الأمر إلى عميد عمادة خدمة المجتمع بتوجيه منه. لم أكن الوحيد الذي حظي برعاية هذا العالم بل هناك عديد كما أسلفت الذين أهلهم إلى أعلى الدرجات العلمية والوطنية. هذا المواطن العالم الذي رأى في الجيل الذي بعده قيمة علمية ووظيفية فمد لهم يد العون الحانية التي عززت ثقتهم بأنفسهم وأوصلتهم إلى مواقع قيادية علمية وإدارية من منطلق حبه للوطن وأبناء الوطن ومصلحة الوطن، ترجل الفارس بعد أن أثرى الوطن والمكتبة العربية بعلم وفير وسيرة حسنة يقتدى بها الأجيال من بعده.
- وكيل جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية