«الجزيرة» - محمد السهلي:
بدأت أوساط القطاع المصرفي الإسلامي، في التساؤل فيما إذا كانت بقية الدول الخليجية على استعداد لتتبع ما قامت به الإمارات وعمان عندما أسستا هيئة شرعية مركزية عليا، تتبع لها جميع المجالس الشرعية بالبنوك المحلية. ومن شأن هذه الخطوة، أن تجعل من باقي المهام خصوصاً توحيد المعايير وتقنين الأحكام الفقهية والمعاملات المالية، أكثر إمكانيةً وسهولة عمّا قبل.
ومالت الدول الخليجية في الماضي إلى اتباع نموذج غير مركزي في تنظيم التمويل الإسلامي تاركة الكثير من الأمر لمجالس شرعية فردية.
لكن ترك الأمر لمجالس شرعية مختلفة من الممكن أن يخلق حالة من التضارب أو يترك العلماء أمام أمور تنطوي على تضارب في المصالح، بما يزيد حالة عدم اليقين بين المستثمرين ويؤدي إلى تباطؤ نمو القطاع.
لذلك، اتجهت الإمارات العربية المتحدة ودول أخرى من بينها سلطنة عمان وباكستان والمغرب ونيجيريا في السنوات القليلة الماضية، نحو نظام يحاكي النموذج الماليزي ويتضمن وجود سلطة مركزية قادرة على فرض معايير موحدة للقطاع.
معلوم أن مجلس الوزراء الإماراتي قد وافق حديثا على إنشاء هيئة شرعية عليا موحدة تتولى الإشراف على قطاع التمويل الإسلامي، ووضع المعايير الخاصة به، بهدف تعزيز نمو القطاع.
وذكرت وكالة أنباء الإمارات، أن البنك المركزي هو من سيحدد اختصاصات وآلية عمل الهيئة الجديدة، لكنها لم تذكر موعد بدء عمل الهيئة.
وأضافت، أن الهيئة سوف «تضع القواعد والمعايير والمبادئ العامة للأعمال والأنشطة المالية والمصرفية التي تتوافق وأحكام الشريعة الإسلامية وتتولى الرقابة والإشراف على لجان الرقابة الشرعية الداخلية للبنوك والمنشآت المالية الأخرى التي تمارس كافة أو بعض أنشطتها وفقا لأحكام الشريعة».
واللجان الشرعية هي مجموعة من العلماء يبتون في توافق الأدوات والأنشطة المالية مع أحكام الشريعة الإسلامية.
وظلت الإمارات العربية المتحدة، تناقش خطة إنشاء الهيئة الخاصة بها لنحو عامين. وشكلت البنوك الإسلامية 22.2 بالمئة من حجم الائتمان في السوق المحلية في الربع الأخير من العام الماضي ارتفاعا من 20.8 بالمئة قبل عام بحسب بيانات المصرف المركزي.
ومن شأن هذا القرار، أن يسهم في ترسيخ ونمو أنشطة التمويل الإسلامي وبيئته التشريعية، ويفتح المجال لعولمة منظومة اقتصادية مكتملة الملامح. فضلا عن ذلك سيساهم ذلك القرار في ترسيخ موقع الإمارات كنموذج متطور للاقتصاد الإسلامي يحتذى به على المستوى العالمي.
وقال عبد الله محمد العور، المدير التنفيذي لمركز دبي لتطوير الاقتصاد الإسلامي إن إنشاء هيئة شرعية عليا للأعمال المالية والمصرفية بالدولة، تضع المعايير، وتشرف على اللجان الشرعية للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية، تعتبر خطوة إستراتيجية مهمة في مسيرة تطوير الاقتصاد الإسلامي وتنظيم هيكليته خاصةً المرجعيات والهيئات العليا.
وأضاف في تصريحات صحفية: «لقد جاءت هذه الخطوة التي تعكس مدى متابعة القيادة لكافة احتياجات هذه المنظومة الحديثة، تعبيراً عن مدى مساهمة الاقتصاد الإسلامي في نمو الاقتصاد الوطني واستقراره وتنافسيته. وبهذه الخطوة ستتعزز التنافسية والكفاءة، بالمقارنة مع البنوك التقليدية وستفتح المجال لعولمة منظومة اقتصادية مكتملة الملامح».
وأشار العور في مقال كتبه لموقع «سي إن إن بالعربية»: «إن قرار إنشاء الهيئة الشرعية العليا للأعمال، بمثابة وضع حجر الأساس في هيكل الاقتصاد الإسلامي ولكن في قمة الهرم هذه المرة، لأن بناء اقتصاد قوي وبهيكلية تشريعية وقانونية قوية، لا بد وأن يبدأ من القمة، وأن يستند في تحديد صلاحيات هذه القمة - أي الهيئة - إلى توجهات الجمهور ورغباته وحاجاته الأساسية، وإلى متطلبات التنمية. هذه هي سمة القيادة والمرجعيات الصحيحة كما حددتها العلوم الاجتماعية والاقتصادية الحديثة. وستسهم هذه الهيئة عند إنشائها، في تجاوز تحديات القطاع المالي بشكل عام، ليس في إطار الاستثمار وتوظيف الثروات فقط، بل وفي إطار الخدمات المالية مثل التكافل، وتمويل المشروعات الفردية والجماعية على قاعدة الشراكة الحقيقية بين المؤسسة والجمهور».