«أحمر شفاه» عنوان هذه القصاصة وربما ما سيليها -ما كُتب لمحرر المجلة موافقة ولكاتبتها عمر ومزاج- فهي نافذتي إليكن إذ حُرمت منها واقعا. من منا لا تحتاج - بين فينة وأخرى- إلى نافذة تخرج منها إلى سعة الأفق (الآخر) أو تكتفي برؤيته؟ (الآخر) هذه الكلمة التي باتت موبوءة ومثيرة للشك والريبة؛ فهو الآخر المباين، الآخر المفارق، الآخر المنشق؛ لا الآخر المكمل، الآخر المجانس، الآخر الجزء أو حتى الآخر المحايد. قد ننسى وسط لجة هذه الحياة أنها قائمة على الثنائيات: ثنائية الموت والحياة، الذكورة والأنوثة، الخير والشر، السعادة والشقاء، الغنى والفقر؛ وننسى أن لكل منا حقه في أن يكون آخَرا.
حين أعود إلى أيامي في تلك القرية النائية -كانت نائية لا تستقبل إرسال هواتف أو نقالات أو تلفزيونات- كنت وإخوتي صغارا يقتلنا ملل الساعات المتشابهة لم أكن صغيرة لألعب أمام المنزل ولست كبيرة لأنتعل أحاديثي إلى مجالس نسوة القرية فكانت نافذتي صندوقا صغيرا أسود هو مذياع أبي الذي يضعه فجرا ولا يعود إليه إلا مساء فكنت أضعه على إذاعة الكويت وبرنامج: «وعند جهينة الخبر اليقين»- كان أحد روافد ثقافتي العظيمة آنذاك -. وأنا أسترجع تلك الذكريات ما تزال أغنية فنان الفصيح: كاظم الساهر صادحا بمقطوعة نزار؛ تملأ مسمعي حين وقعت لأول مرة في حبه:
إذا مر يوم ولم أتذكر
به أن أقول صباحك سكر
فلا تحزني من ذهولي وصمتي
ولا تحسبي أن شيئا تغير
فحين أنا لا أقول أحبك
فمعناه أني أحبك أكثر..
وصباحكن سكر.
فاصلة:
اخلقن نافذتكن.
- مها الحميضان