«الموسيقى هي ضوء القمر في ليلة قاتمة من الحياة»
- جان بول
«الله يرد خطاك لدروب خلانك» لم تكن أغنية هذه التي بدأ بها طلال مداح رحمه الله وصلته الغنائية على مسرح المفتاحة قبل ستة عشر عاما لكنها تكاد تكون دعوة بأن يرد الله الفرح وحب الحياة للناس وللمدائن المكتظة بضغوطات الحياة القاسية . وسقط طلال ميتا وهو يغني وسط الناس ولهم وسقط منذ ذلك الوقت جمال صيف ابها الجميلة والمختلف وتلك البهجة التي كانت تهب الناس حياة الحب و التسامح وحب الحياة لكن صوت الأرض ظل ينادي على الدوام: الله يرد خطاك. وابتدأ ليل طويل كسى كل شيء.
ولم يعد هناك من منافذ تحتوي الشباب وفراغهم وطاقاتهم سوى التسكع في حلبات التفحيط والموت والانضواء تحت يافطات المخيمات الدعوية والشريط الديني والدعاة الصحوين الذين كانوا يدغدغون غرائزهم الغضة بشعارات الجهاد والموت ووعد الحور العين والطريق القصير جدا الى الجنة ومن نلوم او حتى نعاتب اليوم؟
هل نلوم الشباب الذي ظلوا الطريق ..ام الملوم هم أولئك الذين اطفأوا قناديل البهجة داخل ارواحهم؟.
ربما ما لا يعرفه الكثيرون هو ان الموسيقى ليست رقصا وأغاني وليست تهييجا للغرائز كما يدعي البعض ولا محرمات يتنازعها جدل فقهي اجتهادي طويل، ولكنها تصالح روحي يهذب الذات ويعيد للروح اتزانها وحسها المجهد من ضغوطات الحياة أو كما قال «برتولد أورباخ» الموسيقى تغسل الروح من غبار الحياة اليومية. العقلاء والمفكرون ومنذ اول تفجير كانوا ينادون قائلين انه لن يهزم التطرف الا حب الحياة ولن يعيد للشباب اتزانهم الا مولدات البهحة وان كل التنظيرات الأدبية والمثاليات المفترضة هي امنيات طوباوية جميلة ولكن يصعب على الذات الإنسانية قبولها والنفوس منذورة على الدوام لحب الحياة.. هذه الحياة.
ولكن منذ متى كان للمثقف صوت مسموع.؟
واليوم وبعد مسار طويل من الألم والمكابرة تهل بشائر الاعتراف بدور الترفيه في حياة الناس اعتراف من أعلى الهرم ولا مجال فيه للمزايدة و عبر «رؤية2030»
وكان أول الغيث أبها ومن خلال فعاليات شارع الفن ..شارع اللون وأصوات الغناء..هذا الغناء الذي صمت منذ كان طلال مداح رحمه الله ينادي ويستجدي بخلاصة الروح «الله يرد خطاك لدروب خلانك» وسيتوالى الغيث والأمر لم يكن مستحيلا ولا محرما لكننا كنا نفتقد الأيمان و الرؤيا بدور الترفيه، والحمد لله أننا في زمن شجاعة « الرؤية» وهذا كل ما كنا نحتاج .
ولن نطلب اعتذاراً من أولئك الذين تنكبوا بنا طريق الحياة السوي وهم لن يفعلوا لكننا نأمل منهم أن يتنحوا عن فرض أجنداتهم على الناس ويكفي ضياع هذا الجيل , الجيل الذي تخطفته طرق الضياع بين المنافي والسجون والهروب الى بلاد الله الفسيحة من أجل هبة فرح صغير متاح مباح فرح يهب أرواحنا السلام . والله يرد خطاك.
- عمرو العامري