رأينا في المقالة السابقة أن حازمًا استخدم مصطلح الأرجل هكذا دون تمهيد أو شرح, وكأنه من المصطلحات الدارجة المعتاد ذكرها في عصره, وهذا ما يمكن استنتاجه من استخدامه للمصطلح دون شرح أو تمهيد. وخلصت إلى أن مفهوم الأرجل عند حازم مرتبط ارتباطًا مباشرًا بالأسباب والأوتاد ولكن مع ملاحظة أن تلك الأسباب والأوتاد لم تعد كما عرفناها عند الخليل, لأن حازمًا يجدد ويضيف السبب المتوالي وهو متحرك يتوالى بعده ساكنان مثل قال بتسكين اللام. وحازم بعد عدد من الفقرات التي تلت نصه الذي عدد فيه الأصناف الستة من (الأرجل ) يعود ليعطي مزيدًا من التفصيل حول الأرجل ليقول: «والسبب المتوالي والوتد المضاعف لا يقعان إلا في نهايات أجزاء الضروب ومصرعات الأعاريض ... وبعض هذه الأجزاء يتركب مع بعض على الإطلاق وذلك الأسباب الخفيفة مع الأوتاد المجموعة والمفروقة ... ومنها ما لا يركب مع جميع الأجزاء إلا متأخرًا عنه. ومنها السبب المتوالي والوتد المتضاعف ولا يتركب أحدهما مع الآخر وتسمى هذه الأجزاء الأرجل ... ولا يخلو التركيب من أن يكون من رجلين سبب ووتد فيكون الجزء المركب منهما خماسيًا ..» ومن هذه النصوص لدى حازم التي ورد فيها ذكر الأرجل يتضح أن الأرجل لا تعني مجرد مقطع صوتي يقابل الأسباب أو الأوتاد, بل تعني عددًا من المقاطع ويظهر أن حازمًا بذلك كان قد فهم بدقة معنى الأرجل في العروض اليوناني. وقد كنت عرضت نص ابن سينا من كتابه الشفاء وهو يتحدث عن ( الأرجل ) وعرفها بأنها المقاطع ويبدو أن حازمًا يأخذ عن ابن سينا في فهمه للأرجل بأنها تعني مقاطع صوتية, وربما يكون قد اطلع أيضًا على نصوص الكندي والفارابي التي مرت في مقالات سابقة. وما زال عدد من الدارسين المحدثين يفهم معنى ( رجل ) بأنها المقطع الواحد فحسب, وهذا غير صحيح إذ بالرجوع إلى العروض اليوناني والدراسات المختصة بهذا الشأن يتضح أن ( الرجل ) تعني المقطع وتعني أيضًا مجموعة مقاطع صوتية.
- د.فاطمة بنت عبدالله الوهيبي
Rafeef 2010@gmail.com