«الجزيرة» - وكالات:
يصف سكان من بوليفيا، وغواتيمالا، والعراق، وكمبوديا، والفلبين، طبيعة العيش وسط مجتمعات تنبض بالمشاعر.
ربما يُستخدم الناتج المحلي الإجمالي لقياس الأداء الاقتصادي لبلد ما، بيد أنه لا يدل على طبيعة الحياة في مكان بعينه، ولهذا السبب وغيره، اختارت مملكة بوتان أن تقيس السعادة لدى مواطنيها باستخدام مؤشر «السعادة المحلية الإجمالية»، على غرار الناتج المحلي الإجمالي.
وتُعِد مؤسسة غالوب لاستطلاعات الرأي تقريرًا عن المشاعر السلبية والإيجابية في العالم، بغية الوقوف على العوامل المعنوية التي تميز بلد ما وشعبه عن غيره من البلدان والشعوب. ويهدف استطلاع الرأي الذي تعده مؤسسة غالوب والذي يغطي 148 دولة، إلى قياس المشاعر الإيجابية أو السلبية التي يظهرها السكان يوميًا، للتوصل إلى بيانات بشأن الأماكن التي يضحك فيها الناس أكثر من غيرهم، والأماكن التي يتعرض فيها الناس لتجارب تثير غضبهم. وبناء على آخر تقرير صادر عن مؤسسة غالوب في هذا الصدد، تحتل دول أمريكا اللاتينية مركز الصدارة في قائمة الدول الأكثر إظهارًا للمشاعر، كما جاءت العراق وكمبوديا والفلبين في المراتب العشر الأولى.
تقول بيولين كوشاريو، التي تنحدر من أصول كندية، وعاشت في مدينة سوكر ببوليفيا العام الماضي: «أغلب الناس هنا ودودون وغير منغلقين، ولديهم حب استطلاع، ويستقبلون الغير بابتسامة ترحاب».
لكن على الرغم من ذلك، فإن سكان البلد، التي لا يرتادها الكثير من السائحين، يتسمون بالخجل، ولا سيما في المناطق الريفية.
كمبوديا
خلّفت معاناة الشعب الكمبودي، إبان حكم الخمير الحمر، جروحًا عميقة في نفوس الشعب الكمبودي، ولا يزال السكان يتذكرون الإبادة الجماعية التي ارتكبها الخمير الحمر بزعامة بول بوت، والتي قُتل فيها ما يربو على 20 في المئة من سكان كمبوديا.
وعلى الرغم من أن مشاعر الأسى لا تزال تخيم على المكان بعد مضي40 عامًا على سقوط العاصمة الكمبودية بوم بنه في أيدي الخمير الحمر، إلا أن السكان لا يظهرون هذه المشاعر أمام الآخرين بسهولة.
وقالت كونيلا كيو، التي تتحدر من بنوم بنه وصاحبة مدونة السيدة الزرقاء «بلو ليدي»: «الشعب الكمبودي شعب عاطفي للغاية، ولكن الكثير منهم، ولا سيما كبار السن، تعلموا كيف يخفون مشاعرهم الحقيقية. ومع الأسف، لا يمكنهم أن يفسروا هذه المشاعر ولا يبدونها للغرباء ولا لعموم الناس». وعلى الرغم مما خلفته هذه الحقبة من ضرر نفسي على السكان، إلا أنهم لا يزالون يظهرون الود للغرباء ويرحبون بهم إلى أقصى درجة.
وتابعت كيو: «أينما توجهت، أصادف أُناسًا يعبرون لي عن مدى حبهم لكمبوديا، ولا سيما بنوم بنه، لما يتمتع به شعبها من طيبة وودّ». كما تحدثت كيو عن بشاشة الشعب الكمبودي، وتحديدًا إذا ما قورن بشعوب أخرى.
الفلبين
هذه الدولة التي تتألف من مجموعة جزر هي البلد الوحيد الذي حل في المراكز الخمس الأولى من خارج أمريكا اللاتينية في مؤشر غالوب الخاص بقياس المشاعر، ولكن هذا لم يكن من قبيل المصادفة، نظرًا لأوجه الشبه بينها وبين دول أمريكا اللاتينية.
قال ستيفن دي غوزمان، من شمال العاصمة الفلبينية مانيلا: «ثمة أوجه شبه معينة بين الثقافة الفلبينية، وثقافة أمريكا اللاتينية. فقبل كل شيء، كلاهما خضعا للاحتلال الأسباني لفترة طويلة، ولذا، إذا تحدثنا عن الجانب العاطفي للشعبين، سنجد أن كليهما متساويان». تمثل الفلبين وثقافتها مزيجًا فريدًا بين الشرق والغرب، وعلى الرغم من أن اللغتين الرسميتين في الفلبين هما الإنجليزية والفلبينية، إلا أنك ستعتاد هناك سماع طائفة عريضة من اللكنات وبعض الكلمات الأسبانية أحيانًا.
للعائلة أهمية قصوى في الثقافة الفلبينية، كما أن الشعب الفلبيني مضياف وودود. قال كابابان: «الناس هنا مبتسمون، ويعاملون جلّ الغرباء، ولا سيما المغتربين المقيمين هناك، بودّ وبشاشة». وتعد مدينة سيبو، والتي كانت أول عاصمة للفلبين، والتي تقع في الجزر الوسطى، مقصدًا للمغتربين، لما لها من أهمية تجارية ولقربها من الشواطئ والجبال.
غواتيمالا
حلت غواتيمالا، إحدى دول أمريكا الوسطى، في مركز متقدم في تصنيف مؤشر غالوب، ولم تتفاجأ بذلك زارا كويروغا، البرتغالية الأصل، وصاحبة إحدى المدونات على الإنترنت، والتي تعيش حاليًا في أنتيغوا بغواتيمالا. وقالت كويروغا: «الناس في غواتيمالا ودودون، ويفيضون بالمشاعر»، إلى درجة أنهم قد يكشفون للغرباء، الذي جاءوا إلى البلاد حديثًا، عن تفاصيل شخصية للغاية. وتابعت كويروغا مفسرةً: «كنت أتجول في شوارع أنتيغوا يومًا ما في وقت الظهيرة، وقابلت سيدة تنسج الأقمشة. في البداية لم تدن مني إلا لكي تبيع أحد منتجاتها، ثم بعد أقل 30 ثانية، تطرق الحديث بيننا إلى أمور شخصية وموضوعات تمسّ المشاعر».
ويُقبل المغتربون، ومن بينهم كثيرون يزاولون أعمالهم بعيدًا عن مقر العمل، ويتنقلون من بلد لآخر، فضلًا عن المتقاعدين، على مدينة أنتيغوا، التي تقع في وسط البلاد، كونها أكثر أمنًا من مدينة غواتيمالا العاصمة.
وتقول كويروغا، إنه على الرغم من أن الرحلة بين أنتيغوا ومدينة غواتيمالا تستغرق وقتًا أقل من ساعة، إلا أن «مدينة أنتيغوا أجمل بكثير وأكثر أمنًا، ويسهل التجول بين جنباتها».