فيصل خالد الخديدي
ظهرت أعمال الرزيزاء ببنائية معمارية متماسكة، في تكوينات عادة ما تكون هرمية، أو بيضاوية بقطعات من أشرطة زخرفية، فتكوينات الرزيزاء لبنائية عمله، ومعماريته الداخلية للوحته التشكيلية هي ما يميز أعماله، فعناصره بسيطة، ومفرداته محدودة، ولكنه صاغ منها جملاً وعبارات تشكيلية غنية بالجمال أثرت تأثيث أعماله، فظهر تكرار المفردة مدروسًا ومريحًا، ونسيجها متماسكًا بدقة هندسية ووحدة واتزان، يضيف جمالاً إلى جمال, فمفرداته تتلخص في الشكل الدائري ومشتقاته، من نصف دائرة وأهلّة، وخطوط منحنية, والشكل المثلث أيضًا الذي يحضر بمختلف مظاهره وتنوعها، بتكرار وترديد يضيف موسيقى تُعزف على أوتار التناغم والتردد، لتصنع إيقاعًا أصيلاً يعود بالشكل الدائري لقرص الشمس، والمثلث لتكراره في جذوع النخيل التي تشي بعمق وتغلغل الهوية الطبيعية في أعمال الرزيزاء، والتي دُعمت أيضًا بالحضور اللوني، فجاءت الألوان في أعماله تضيء بومضات مجموعات لونية من تحت وطأة لون الأرض، الذي اكتسب من الرمال درجات البني، ومن سحر شروق شمس نجد اللون الذهبي، فظهرت أعماله غنية بالألوان ضمنيًا، متدرجة ظاهريًا بين ذهبيات شمس السماء، وبُنِّيّات رمال الأرض، فغدت أعماله واحة جمال ببناء معماري هندسي، يتنفس بطين الأرض ولبناته وحدات زخرفية، عاشها في الأبواب العتيقة، والشبابيك التي تشق باستطالة صمت جدران العمارة النجدية، البسيطة في تفاصيلها، الشامخة بعراقتها وأصالتها، وهي ما اكتنزته أعمال علي الرزيزاء، فكانت السهل في مكوناتها وألوانها، الممتنع في شموخها، والممتعة في تكويناتها، وفي بنيتها النهائية, كما أن أصالته في تكويناته ومفرداته وألوانه، لم تُنْسِهِ المعاصرة والحداثة، والتي ظهرت في تقنياته المتنوعة، وملامس سطوح أعماله، فظهرت ثرية بتضاريس متنوعة ، وحدود بارزة بين عناصرها.
علي الرزيزاء، فنان صاحب فلسفة فنية حقيقية، ومشروع تشكيلي ناضج، قائم على العناية بتراث المعمار المنزلي، وهو موضوعه الكبير الذي يجسد فلسفة، ومشروعًا متجددًا في لوحات مسندية, وتألقًا في مجسمات ميدانية, وإبهارًا في ديكورات منزلية، وكان إبداعًا ناطقًا بكل قيم الجمال في متحفه المنزلي، ومنزله المتحف, انطلق بإبداعه وفلسفته من عطر الأرض، وشموخ النخيل، وتفاصيل حياة ابن نجد البار لها، فلامس قرص الشمس بإبداعه، وملأ محيطه فن أصيل الهوية، عميق الجذور، تجاوز الحدود المكانية به والزمانية، وسجل حضوره العالمي بمنجز أصيل، دون أن يفقد هويته بشخصية فنية واثقة مما تعمل، وقدرة فنية عالية، وثقافة واسعة جعلت من علي الرزيزاء اسمًا لهوية، وهوية لاسم.