سعود عبدالعزيز الجنيدل
أثارت تغريدة للدكتور سلمان العودة، زوبعة بين المتابعين.
في هذا المقال سأسلط الضوء على هذه التغريدة.
قال سلمان العودة في تغريدته:» المال لا يمنحك السعادة، ولكنه يجعلك تعيش تعاستك برفاهية».
هذه المقولة تبدو في ظاهرها غريبة، وبعيدة كل البعد عن التصديق، مما حدا بالبعض لوصفها بتغريدة لا تمثِّل الواقع الحقيقي، وهي تغريدة متكلَّفة من العودة، إضافة إلى تعليقات بعض الشباب عن العودة، الذي أطلق هذه التغريدة أو المقطع المصور وهو يتنزه في ربيع تركيا، ويقضي أيامه فيها، مستمتعاً بجمالها الخلاَّب، وطبيعتها الساحرة الآسرة للعقول...
لا أخفي عليكم أنني انتقدت هذه التغريدة، ولكني بعد تفكير عميق فيها، تغيَّرت نظرتي لها، وأصبحت أراها وجهة نظر جديرة بالاحترام، وقبل أن ينالني وابل من سهام النقد، دعوني أوضح نظرتي لها.
بادئ ذي بدء لا بد من التركيز بدقة على عبارات العودة، لكي يتسنى لنا فهم جوهرها.
فبداية التغريدة تقول: المال لا يمنحك السعادة…
وسأقف هنا، فهذه الكلمات تفترض سلفاً، أنك شخص تعيس، وهذا واضح من الكلمات، فأنت تعيس تنقصك السعادة، والتغريدة موجهة لكل شخص تعيس فاقد السعادة، وليست موجهة للكل.
وتكملة التغريدة تقول:» ولكن يجعلك تعيش التعاسة برفاهية».
وهذا صحيح، فتخيل وجود إنسان تعيس، وعنده من الهموم والغموم ما الله به عليم، وفجأة أصبح عنده مال، هل هذا المال سيسعده؟ أكاد أجزم أن الجواب يكون بالنفي، والأسباب لذلك كثيرة من ضمنها:
- وجود هموم لا يستطيع المال أن يكون بلسماً شافياً لها، ويقف عاجزاً عن معالجتها، مثل: المرض، العقم، موت أحد المقربين...إلخ فهناك أمور كثيرة لا يقدر المال على حلِّها.
- الغربة والعيش بلا وطن، فالإنسان الذي يعيش بلا وطن لن يكون سعيداً مهما امتلك من أموال.
- الظلم، فَلَو وقع ظلم على إنسان ما، ولَم يقدر على دفعه، فلن يكون سعيداً مهما ملك.
-كبر السن، فالإنسان إذا بلغ من الكبر عتياً، فلن يعيد له المال شبابه الذي انصرم، وكما قالت العرب:
ليت الشباب يعود يوماً
فأخبره بما فعل المشيب
- عدم القناعة، فالشخص غير القنوع لن يرضيه ملء الأرض ذهبا، وسيظل ينشد ويبحث عن المزيد والمزيد.
هذه بعض الأسباب التي تؤيِّد النتيجة التي وصلت لها.
إذن التعيس سيظل تعيساً حتى لو امتلك مالاً، وكما قال العودة، سيعيش تعاسته برفاهية، فهو سينفق ويرفِّه عن نفسه، ولكنه من داخل نفسه وأعماقه يحمل بؤساً، وتعاسةً، لن يستطيع المال معها أن يفعل شيئاً.
أخيراً
عند نقد هذه التغريدة، لا بد من النظر لمسألة التعاسة قبل امتلاك المال، وهي موجودة فعلاً، من خلال الأسلوب الذي استخدمه العودة، ولهذا فالمال لن يفعل شيئاً معها، إلا إذا كان سبب التعاسة هو عدم توفر المال، فبكل تأكيد سيكون هذا المال سبباً للسعادة إذا وجه واستعمل بطريقة صحيحة.
إضاءة
تريث دائماً في الحكم…
واقرأ ما بين السطور…
واصدع برأيك…
فالمهم أن تقول هذا رأيي أعرضه ولا أفرضه.