ميسون أبو بكر
زويل الذي فاز بجائزة الملك فيصل العالمية ثم جائزة نوبل للكيمياء والمولود في دمنهور مدينة النصر والنور كما أُطلق عليها والتي تحتوي على الأوبرا العريقة الثالثة في مصر التي شيدت في عهد الملك فؤاد الأول في 1930 ، ومكتبة توفيق الحكيم وكلها من معالم دمنهور التي غادرها زويل وهو ابن الرابعة، وغادر الحياة قبل أيام.
أحمد زويل الذي لم يذهب إلى أمريكا إلا بعد أن نال الماجستير في بلده ليحصل على الدكتوراه من جامعة بنسلفانيا والذي ورد اسمه في قائمة الشرف بالولايات المتحدة التي تضم أهم الشخصيات التي ساهمت في النهضة الأمريكية لم يستطع أن يتغلب على الورم السرطاني الذي أصابه في النخاع الشوكي والذي كان يظن أنه بدأ يتعافى منه.
رغم نبوغ زويل في زمن مبكّر في بلده مصر وحصوله على جائزة الفيصل بأعوام قبل حصوله على نوبل، إلا أنه احتفي به احتفاء كبيرا من قبل البلد الذي حصل على جنسيته مؤخراً.
لا أدري هل هو قدر المميزين من بلادنا أن يبزغ نجمهم في سماوات لا تظلل أوطانهم ويسطعون كالأقمار بعيدا عنها؟!! ثم تضاء الشموع بعد رحيلهم وكأن قدرنا إشعال الشموع احتفاء برحيل مبدعينا؟، فقد سبق التلفزيون المصري في إعلان وفاة العالم المصري الأمريكي وسائل الإعلام الأمريكية حيث سمعت الخبر منه قبل أن يعلن في أمريكا التي تصادف وجودي فيها عند رحيله.
مات زويل عالما ورحل بهدوء لا يشبه صخب إنجازاته وإبداعاته ليبقى في الذاكرة الورقية التي تركها عبر إصدارات متعددة له وفي ذاكرة من تابع مشواره العلمي وفي ذاكرة مصر وأمريكا.
****
أيقظ في ذاكرتي مهرجان جرش والذي صدح شعراؤه على مدرجاته قبل أيام؛ الشاعر السعودي الكبير سليمان الفليح رحمه الله.
شاعر ارتبط اسمه بالبادية ومكونات الصحراء وملامح الجزيرة العربية على امتدادها حيث كان رحّالا ما بين الرياض والكويت ومضارب القصيدة.
سليمان الذي هاتفني مع زمرة من الشعراء وهو يهم بالانطلاق من العاصمة الأردنية عمان إلى جرش ليحضرني كشاعرة وحال حادث مرور بسيط دونه وأمسيتي ما كانت سوى أسابيع قليلة عاد فيها إلى الرياض وأسلم الروح لباريها.
أشياء الغائبين تؤلم أكثر من رحيلهم، توقد نارها في الذاكرة وتتركنا في مهب الحزن وحرائق الذكرى.
الرحلة بين القصيدة والموت منحت الفليح عمرا كافيا للكتابة ولترك إرث كبير من الإبداع ومن الأبناء الشعراء أيضا الذين يذكرون بوالدهم.
العظماء يرحلون باكرا.. تاركين إرثاً كبيراً ليس حصراً على عائلتهم إنما للبشرية.
من أول البحر
لسليمان الفليح
وكذاك الصحاري مملوءة بالعقارب
والليل يرخي حجابه
ونحن سنسهر حتى الصباح،
نعيد حديث الصعاليك، نأرق
أن نام كل خلي وأوصد بابه
نقتسم تمرتنا..
ونقاسم كل شقي بهذا الزمان عذابه
ونختط مااختط بالسيف أسلافنا بالكتابة