إنّ البشرى والاستبشار خلق كريم من الأخلاق الإسلامية التي حض عليها القرآن الكريم والسنة النبوية بل إن البشرى جزء من الهدي النبوي.
فالمؤمن الذي خالطت بشاشة الإيمان قلبه من شأنه أن يكون مبشراً بالخير في كل حين ومبشراً بدعوة الحق في مكانها، ومستبشراً بين الناس.
والبشرى تلقي الضوء على ما يقوم به المؤمن من عمل، لأنه على ثقة من قبول هذا العمل.
وقد بين الله تعالى سرور وفرح الشهداء واستبشارهم عندما قال {فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ} آل عمران/170.
وللبشرى والاستبشار مكانة سامية في سُدّة الفضائل، فقد أخبر الله تعالى بأنه هو الذي يُبشر من يستحقون البشرى ليكونوا من أهل الاستبشار قال سبحانه {الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ} التوبة/20ـ21.
ومما لا شك فيه أن أهل البشرى سيلقون نعيماً وملكاً كريماً عند مليك مقتدر، فهم ضاحكو الوجوه مستبشرون بالنعيم {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ} عبس/38ـ39.
إنَّ هناك علاقة لطيفة بين البُشرى والعبادات التي افترضها الله عز وجل على المؤمنين.
فلقد عُني الإسلام بأمر الصلاة عناية فائقة، وحضّ عليها، ورغّب بمحاسنها، فهي مفاتيح الجنان، ومن خير الأعمال بعد شهادة الإيمان، وأول ما يحاسب عليه العبد بعد مفارقة الأهل والخِلان، عندما يقابل ملائكة الملك الدّيان.
وقد جعل الله تعالى الصلاة صفة كريمة وحلية مباركة للمتقين المسلمين به، والمسلمين له، {ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ} البقرة/2.
فهؤلاء لهم رتبة مرموقة يوم القيامة، ومكانة محمودة، لأنهم من فريق المفلحين {أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} البقرة/5.
وفي السنة النبوية دعوة مرغبة إلى أداء الصلاة في جماعة في سائر الأوقات، وخصوصاً في صلاة الصبح والعشاء، حيث جاءتهم البشرى بذلك، فعن بريدة ابن الحُصيب الأسلمي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((بشروا المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة)) أخرجه أبو داود في سننه.
والزكاة ركن مهم من أركان الإسلام، ودعامة من دعائم الإسلام، أداؤها عنوان على العمل بطاعة الله عز وجل، {وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} الحشر/9. فلما سمع المسلمون الأوائل هذه الدعوة المباركة {فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} الحج/78، إلى الإنفاق فاضت أيديهم بالمعروف طلباً لرضوان الله سبحانه.
وقد حض الإسلام على الصدقة لما فيها من الخير العميم والثواب العظيم {الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} البقرة/274.
ولقد خصّ الله تعالى الصيام بنفحات مباركات وجعل شهره وهو رمضان شهر الصيام، وشهر القرآن العظيم، حيث أنزل فيه القرآن العظيم، حيث أنزل فيه القرآن الكريم حاملاً معه البشرى والهدى والهداية للناس.
وقد فرض الله سبحانه الحج على كل مسلم يملك الاستطاعة، والحج فريضة يؤديها المسلم في العمر مرة، حينما تتوافر الاستطاعة من الصحة وإمكان السفر، وأمن الطريق، والحج مؤتمر المسلمين السنوي العام، يتلاقون فيه عند البيت العظيم الذي صدرت لهم الدعوة منه ذلك البيت الذي جعله الله أول بيت في الأرض لعبادته.
لذا، كثرت البشائر بالجنة وبألوان النعيم لمن أحسن أداء العبادات التي افترضها الله عزَّ وجلَّ على المؤمنين.