خالد بن حمد المالك
لا أحد يشك أو يغيب عن ذهنه بأن لإيران يداً وموقع قدم في كل الاضطرابات التي تشهدها دول المنطقة، وأنها دون غيرها من الدول الأكثر تغذية بمالها وأسلحتها ومليشياتها لبؤر الإرهاب في دولنا، وأن تنظيم داعش -وإن كان سنيّاً- فهو صنيعتها وربيبتها والخادم المطيع المنفذ لسياساتها ومؤامراتها.
* *
لا أحد غير إيران يعبث بأمن الدول واستقرارها، ويعرض شعوبها إلى القتل والتشريد، هي لا غيرها من تجاهر بجرائمها، وتتحدى العالم بأن يفعل شيئاً لها، أمام مجاهرتها بالتدخل في سوريا والعراق واليمن والبحرين ولبنان وغيرها من الدول.
* *
هي إيران -وإيران وحدها- التي لا تفسير لصمت دول العالم أمام جرائمها، إلا أن يكون هناك من هو شريك في كل ما يجري في منطقتنا من تدمير وقتل وتشريد، وتغييب للأمن والاستقرار، إذ ليس لتجاهل الدول الكبرى لما يجري غير هذا التفسير في ظل حروب عبثية ليس لها من فهم أو مبرر.
* *
وإذا ما أمعنا النظر في تدخل الدول، وتتبعنا نتائجها، أدركنا أن هذا التدخل غالباً ما يكون لإضفاء شرعية التدخل الإيراني ودعمه، والتأكيد على أن الموقف الدولي يعتمد أولاً على الصمت وعدم المبالاة؛ فإذا ما ضعف التدخل الإيراني، واقترب من الهزيمة، وإلى حالة الإذلال، فحين إذن يجيء النفير الدولي على عجل، مثلما رأينا التدخل الروسي في سوريا لإنقاذ نظام الأسد والمليشيات الإيرانية من السقوط.
* *
لاحظوا أن أحداً من الدول الكبرى (على سبيل المثال) لا يعبأ بما يجري في اليمن من قتال وجرائم يقوم بها الحوثي والمخلوع صالح، ويقف منها موقف المتفرج، ولا يحمي النظام الشرعي من جرائم الانقلابيين، وكأن قرار مجلس الأمن 2216 بما في ذلك تطبيق البند السابع حبرٌ على ورق، وغير ملزم تنفيذه، أو أنه لا يلقى هوى ضمن مواقف الدول دائمة العضوية (الانتقائية) في تعاملها الدائم مع قراراتها.
* *
ما أعنيه في هذه المراجعة السريعة للوضع الذي تمر به دولنا في المنطقة، وامتداداً إلى عدد من دول العالم، أن إيران هي من ولد من رحمها ما يسمى بداعش، وهي من تدعم، وتوفر له الغطاء كي يمارس إرهابه على مستوى العالم، متمدداً بأكثر مما قدره له العالم في بداية نشاطه؛ ومع أن داعش وإيران أشبه بوجهين في عملة واحدة، فإن دول العالم لا تشير إلى إيران، ولا توجه لها التهمة في ما يحدث من إرهاب مسّها هي الأخرى.
* *
إنّ هذا الصمت المريب لن يفضي إلا لما هو أسوأ، وسيدفع العالم دولة بعد أخرى ثمن هذا التمرد الإيراني على القوانين والأعراف الدولية؛ وسوف تمتد نتائج إرهابها إلى فواجع كارثية على امتداد العالم، إن لم يصحوا وتتدبر المنظمة الدولية أمرها، وتأخذ بجدية تلك القرارات المناسبة التي تحمي الشعوب من ممارسات إيران العدوانية.
* *
وهل هناك من يشك في أدوار مشبوهة لإيران في كل ما يجري في منطقتنا وفي دول العالم، إلا إذا كان هناك من يجهل ماذا تفعل إيران في العراق وسوريا واليمن ولبنان والبحرين؛ أو أنه ليس على علم بحجم أطماعها ومخططاتها في جميع دول المنطقة؛ أو أن يكون شريكاً مع إيران في تمزيق وحدة الدول العربية، وإحداث ما سمي بالفوضى الخلاقة تلبية للطرح الأمريكي الذي أطلق عليه الشرق الأوسط الجديد.